الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص155
وأما الحكمان في الافتراق فأحدهما : أنه يجوز أخذ الجزية من أهل الكتاب ، ولا يجوز أخذها من عبدة الأوثان .
والثاني : أنه تستباح مناكح أهل الكتاب وذبائحهم ولا يستباح ذلك من عبدة الأوثان ، وإذا كان كذلك وجب استواء الفريقين في وجوب القتال ، واختلافهما في الكف عنهم
فأما أهل الكتاب فيجب قتالهم حتى يسلموا أو يعطوا الجزية ، فإن أسلموا أو بذلوا الجزية ، وجب الكف عنهم وإن امتنعوا منها وجب قتالهم حتى يقتلوا .
وأما عبدة الأوثان فيجب قتالهم حتى يسلموا ، فإن أسلموا وجب الكف عنهم ، وإن لم يسلموا وجب قتالهم حتى يقتلوا ، والفريقان في المهادنة سواء ، إن دعت إليها حاجة هودنوا ، وإن لم تدع إليها حاجة لم يهادنوا .
قال الماوردي : يريد الشافعي بهذا ما غنم من أهل أموال الفريقين من أهل الكتاب وعبدة الأوثان يكون بعد تخميسه للغانمين ، وسماه فيئا ، وإن كان باسم الغنيمة أخص لرجوعه إلى أولياء الله .
فيبدأ الإمام من الغنائم بأسلاب القتلى فيدفع سلب كل قتيل إلى قاتله ، سواء شرطه الإمام أم لم يشرطه
وقال مالك وأبو حنيفة : إن شرطه الإمام كان لهم وإن لم يشرطه كانوا فيه أسوة الغانمين احتجاجا بقول النبي ( ص ) ‘ ليس لأحد إلا ما طابت به نفس إمامه ‘ ودليلنا قول النبي ( ص ) : ‘ من قتل قتيلا له عليه بينة فله سلبه ‘ وروى عمرو بن مالك الأشجعي أن النبي ( ص ) قضى بالسلب للقاتل ‘ وروي أنه وجد في بعض غزواته قتيلا فسأل عن قاتله فقالوا : سلمة بن الأكوع ‘ فقال : ‘ له سلبه أجمع ‘ وقد مضت هذه المسألة مستوفاة في كتاب قسمة الفيء والغنيمة .