الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص147
اختلاف حالين ، لا يتعارض فيهما كتاب ولا سنة وهو إن وقعت عين القاصد على المقصود قبل دخوله قدم السلام على الاستئذان على ما جاءت به السنة ، وإن لم تقع عينه عليه قدم الاستئذان على السلام على ما جاء به الكتاب ، فعلى هذا إذا أمر أن يبتدئ بالسلام فسلم ، فهل يكون سلامه استئذانا أم لا ؟ على وجهين :
أحدهما : يكون استئذانا ، ويكون رده إذنا ، فعلى هذا يكون هذا السلام واجبا وإعادته بعد الوجوب أدب
والوجه الثاني : لا يكون استئذانا ، ولا يكون رده إذنا فعلى هذا يكون هذا السلام مسنونا ، قد سقطت به سنة السلام بعد الإذن :
أحدهما : أن يكون السلام على واحد ، ويكون رده فرضا متعينا على ذلك الواحد ، سواء كان السلام من مسلم أو كافر
وقال عطاء : يجب رده على المسلم ، ولا يجب رده على الكافر ، والدليل على استوائهما في وجوب الرد عليهما ، وإن اختلفا في صفة الرد عموم قول الله تعالى : ( وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها ) [ النساء : 86 ]
وفي هذه التحية تأويلان :
أحدهما : أنها الدعاء .
والثاني : السلام .
وفي قوله : ( فحيوا بأحسن منها أو ردوها ) تأويلان :
أحدهما : فحيوا بأحسن منها للمسلم أو ردوا مثلها على الكافر .
والثاني : فحيوا بأحسن منها بالزيادة على الدعاء أو ردوها بمثلها من غير زيادة .
والضرب الثاني : أن يكون السلام على جماعة فرده من فروض الكفايات على تلك الجماعة ، فأيهم تفرد بالرد سقط فرضه عن الباقين ، وكان المراد منهم هو المختص بثواب رده دونهم ، وإن أمسكوا عنه حرجوا أجمعين ، ولا يسقط الفرض عنهم برد غيرهم .
فأما صفة السلام وصفة الرد ، فهو مختلف باختلاف المسلم والمراد ، وذلك ضربان :
أحدهما : أن يكون السلام بين مسلمين و فصفته من المبتدئ بالسلام ، أن يقول : السلام عليكم ، سواء كان السلام على واحدا أو على جماعة ، لأن لفظ الجمع يتوجه