پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص144

على الكفاية ، غير متعين على الكافة كما لو كان مقيما في داره ، لأنه ما تعداها ، لكن يجب التأهب لقتاله ، وفرض هذا التأهب على أعيان أهل ذلك الثغر .

والضرب الثالث : أن يسير إلى مسافة أقل من يوم وليلة ، فهذا في حكم من قد أظل بلاد الإسلام ووصل إليها لقرب المسافة التي لا تقصد فيها الصلاة فتعين فرض قتاله على جميع أهل ذلك الثغر من المجاهدين سوى النساء والصبيان والمرضى ويدخل في فرض القتال من عليه دين ومن له أبوان لا يأذنان له لأنه قتال دفاع ، وليس بقتال غزو ، فتعين فرضه على كل مطيق ، ثم ينظر عدد العدو ، فإن كانوا أكثر من ثلث أهل الثغر لم يسقط بأهل الثغر فرض الكفاية عن كافة المسلمين ، ووجب على الإمام إمدادهم بمن يقوم به الكفاية في دفع عدوهم ، وإن كانوا ثلثي أهل الثغر فما دون ، فهل يسقط بهم فرض الكفاية عن كافة المسلمين أم لا ؟ على وجهين حكاهما ابن أبي هريرة .

أحدهما : يسقط بهما فرض الكفاية عن من عداهم لما أوجبه الله تعالى عليهم من قتال مثليهم فيصير فرض القتال عليهم متعينا ، وعن غيرهم ساقطا .

والوجه الثاني : أنه لا يسقط عن غيرهم فرض الكفاية خوفا من الظفر بهم ، فيصير فرض القتال متعينا عليهم وباقيا على الكفاية في غيرهم .

والقسم الثالث : أن يدخل العدو بلاد الإسلام ويطؤها ، فيتعين فرض قتاله على أهل البلاد التي وطئها ودخلها فإن لم يكن بأهلها قدرة على دفعه تعين فرض القتال على كافة المسلمين حتى ينكشف العدو عنهم إلى بلاده ، وإن كان بهم قدرة على دفعه لم يسقط بهم فرض الكفاية عن كافة المسلمين ما كان العدو باقيا في دارهم ، وهل يصير فرض قتاله متعيناً على كافة المسلمين كما تعين على أهل الثغر أم لا ؟ على وجهين :

أحدهما : يتعين ، لأن جميع المسلمين يد على من سواهم فيصير فرض قتالهم متعينا على كافة المسلمين .

والوجه الثاني : أن لا يتعين عليهم ، ويكون باقيا على الكفاية لقدرة أهل الثغر على دفعهم ، فيصير فرض قتاله على أهل الثغر متعينا وعلى الكافة من فروض الكفايات ، ولا يراعى بعد دخول العدو دار الإسلام أن يكونوا مثلين كما يراعى قبل دخوله بل يراعى القدرة على دفعهم ، لأن العدو بعد الدخول ظافر وقبله متعرض ، فإن انهزم أهل ذلك الثغر عنهم صار فرض جهادهم متعينا على كافة الأمة وجها واحدا حتى يردوه إلى بلاده ، فإذا ردوه إليها لم يخل حاله من أحد أمرين :