پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص142

( باب النفير من كتاب الجزية والرسالة )

قال الشافعي رحمه الله : قال الله تعالى : ( إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما ) وقال : ( لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون ) إلى قوله ( وكلا وعد الله الحسنى ) فلما وعد القاعدين الحسنى دل أن فرض النفير على الكفاية ‘

قال الماوردي : وهذا كما ذكر . جهاد المشركين في بلادهم من فروض الكفاية إذا قام به المكافئون سقط فرضه عن الباقين ، وهو قول الجمهور .

وقال سعيد بن المسيب : هو من فروض الأعيان ، لا يسع أحدا من أهله أن يتخلف عنه ، احتجاجا بقول الله تعالى : ( إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما ) [ التوبة : 39 ] وبقوله ( انفروا خفافا وثقالا ) [ التوبة : 41 ] وبقوله : ( ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه ) [ التوبة : 120 ] .

والدليل على أن فرضه على الكفاية قول الله تعالى : ( فضل الله المجاهدين على القاعدين درجة وكلا وعد الله الحسنى ) [ النساء : 95 ] فلما وعد القاعدين بالحسنى دل على أنه لم يتخلف عن فرض .

وقوله تعالى : ( وما كان المؤمنون لينفروا كافة ) [ التوبة : 122 ] ولأن رسول الله ( ص ) كان إذا غزا لم يخرج بجميع المسلمين ويتأخر عنه منهم قوم ، فلو كان فرضه على الأعيان لخرج جميعهم فإن قيل : فقد أنكر الله تعالى على من تأخر عنه في غزوة تبوك فعنه جوابان :

أحدهما : أنهم عادوا بعد خروجهم ، فأنكر الله تعالى عليهم عودهم .

والثاني : أن رسول الله ( ص ) دعاهم بأعيانهم ، فأنكر عليهم ترك إجابته .

ولأن رسول الله ( ص ) غزا بنفسه تارة وبسراياه أخرى ، ولو تعين عليه لم يتأخر عنه .