پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص140

قال الماوردي : وهذا صحيح ، أن على الإمام بعد تحصين الثغور ، بما قدمناه شيئان :

أحدهما : مراعاة كل ثغر في مقاومة من بإزائهم من الأعداء فإنهم لا يخلون من ثلاثة أحوال :

أحدها : أن يكونوا أكفاءهم في المقاومة والمطاولة ، فيقرهم على حالهم ، فلا يمدهم ولا يستمدهم .

والحال الثانية : أن يكونوا أقل من أكفاء عدوهم ، فليس له أن يستمدهم وعليه أن يمدهم بمن يصيروا معه أكفاء أعدائهم ، إن طلبهم العدو امتنعوا منه وإن طلبوا العدو وقدروا عليه ، وهذا هو الحد المقصود في تدبيرهم .

والحال الثالثة : أن يكونوا أكثر من أكفاء ، عدوهم ، فليس عليه أن يمدهم وله أن يستمدهم إذا احتاج ، ولهم حالتان :

إحداهما : أن لا يحتملهم الثغر لكثرتهم فعليه أن ينقلهم إلى غيره .

والحال الثانية : أن يحتملهم الثغر فيقرهم فيه عدة لحاجته إليهم ، ويفعل ذلك في كل عام ، لأن أمور الثغور قد تنتقل من قوة إلى ضعف ومن ضعف إلى قوة ليكونوا أبدا قادرين على الامتناع والطلب .

( فصل )

: والثاني : أن يغزو كل عام إما بنفسه أو بسراياه ولا يعطل الجهاد إدا قدر عليه ؛ لأن فرضه على الأبد ما بقي للكفار دار ، والذي استقرت عليه سيرة الخلفاء الراشدين أن يكون لهم في كل سنة أربع غزوات ، صيفية في الصيف ، وشتوية في الشتاء ، وربيعية في الربيع ، وخريفية في الخريف ، وقد كان النبي ( ص ) بعد فرض الجهاد عليه على هذا وأكثر منه ؛ لأن له في تسع سنين سبعا وعشرين غزوة بنفسه قاتل منها في تسع غزوات ، وسبعا وأربعين سرية بأصحابه وينبغي أن يجعل كل غزوة منها إلى ثغر حتى لا يكون أحد الثغور معطلا ، ولا يجمعهما على ثغر واحد فيتعطل ما عداه ، إلا أن يرجو الاستيلاء عليه إن والى غزوه فلا بأس أن يواليه حتى يفتحه فيصير من بلاد الإسلام .

فإن عجز الإمام عن أربع غزوات في كل عام اقتصر منها على ما قدر عليه . وأقل ما عليه أن يغزو في كل عام مرة ، ولا يجوز أن يتركها إلا من ضرورة لقول الله تعالى : ( أولا يرون أنهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين ) [ التوبة : 126 ] قال قتادة : إنها وردت في الجهاد ولأن فرض الجهاد متكرر وأقل الفروض المتكررة ما وجب في كل