الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص139
وأما ولاية التفويض فهي ما فوضت إلى رأي الأمير ليعمل فيها باجتهاده فيعتبر في انعقادها مع تكامل الشروط الأربعة شرطان آخران :
أحدهما : الحرية ؛ لأن التفويض ولاية لا تصح مع الرق .
والثاني : أن يكون من أهل الاجتهاد في أحكام الجهاد ؛ لأنه موكول إلى رأيه فاعتبر فيه علمه به ، وهل يعتبر فيه أن يكون من أهل الاجتهاد في غيره من أحكام الدين أم لا ؟ على وجهين بناء على اختلاف أصحابنا في هذا الأمر هل يجوز له أن ينظر في أحكام جيشه إذ كان مطلق الولاية ، فمنهم من قال : يجوز له النظر في أحكامهم ، فعلى هذا يلزم أن يكون من أهل الاجتهاد في جميع الأحكام ومنهم من قال : لا يجوز له النظر في أحكامهم ويكون القاضي أحق بالنظر فيها منه ، فعلى هذا لا يلزم أن يكون من أهل الاجتهاد في غير الجهاد .
أحدها : أن يكون الأقرب أخوف جانبا وأقوى عدة فوجب أن يبدأ بالأقرب ولا يقاتل الأبعد إلا بعد فراغه من قتال الأقرب ؛ إما بظفر أو صلح .
والحال الثانية : أن يكون الأبعد أخوف من الأقرب فيبدأ بقتال الأبعد لقوته ، لكن بعد أن يفعل ما يأمن به الأقرب من مهادنته وأن يجعل بإزائه من يرده إن قصده .
والحال الثالثة : أن يتساوى الأبعد والأقرب في القوة والخوف فهذا على ضربين :
أحدهما : أن يكون البعدى وراء القربى ؛ لأن تفريق الجيش مضيعة .
والضرب الثاني : أن يكون القربى في جهة ، والبعدى في أخرى ، فإن كان إذا تفرق الجيش عليهما قدروا على قتالهما جاز أن يقاتل أيتهما شاء بحسب ما يؤديه اجتهاده إليه ويستبقي للأخرى من يقوم بقتالها إن نفرت أو يجمع قتالهما معا ، وإن كان إذا تفرق الجيش ضعفوا عنه وجب أن يبدأ بقتال القربى قبل البعدى لما قدمناه من الدليل .