پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص136

أحدهما : أنها باطلة إذا قيل : إن مصرفه في الجيش خاصة ؛ لأنه موقوف على أرزاقهم ، فإذا استوفوها لم يستحقوا غيرها ولم يستحقه غيرهم .

والقول الثاني : أنها جائزة إذا قيل : إن مصرفه في المصالح العامة ودخل فيها من المسلمين من عدا مرتزقة أهل الفيء ، سواء كانوا من أهل الصدقات أو لا ؟ . فإن قيل : أفليس أهل الصدقة ممنوعين من مال الفيء .

قيل : إنما منعوا من أخذه بالفقر والمسكنة الذي يستحقون بهما الصدقة ، ولم يمنعوا من أخذه على عمل كما يجوز دفعه إليهم في بناء المساجد والحصون ؛ ولذلك دخل في هذه الجعالة الأغنياء والفقراء فأما المشركون فعلى ما قدمناه في دخول أهل الذمة فيها دون المعاهدين .

فإذا تقرر حكم الداخلين في هذه الجعالة فغزا بها من أخرجه حكم الشرع منها لم يخل حاله من أن يكون عالما بالحكم أو جاهلا ، فإن كان عالما به كان متطوعا ولا شيء له مسلما كان أو كافرا ، وإن جهل حكم الشرع فيه ففيه وجهان :

أحدهما : أن يستحق جعالة مثله ، ولا يستحق أجرة مثله ؛ لأنه دخل في جعالة فاسدة ، ولم يدخل في إجارة فاسدة .

والوجه الثاني : لا شيء له ؛ لأنه لم يدخل في الجعالة فيتوجه إليه حكم فسادها وقد كان يمكنه أن يستعمل حكم الشرع فيها فكان مفرطا وبغزوه متبرعا .

( فصل )

: والقسم الرابع : أن يغزو معه المشركون بغير إجارة ولا جعالة ، فهذا على ثلاثة أضرب :

أحدها : أن يكرههم الإمام فيخرجوا معهم مكرهين ، فيستحقوا عليه بالإكراه أجور أمثالهم من غير سهم ولا رضخ لاستهلاك عملهم عليهم ، كما لو استكرههم في حمولة أو بناء وسواء كانوا أهل ذمة أو معاهدين ، وليس يراعى في هذا الإكراه الضرب والحبس المراعى في الإكراه على الطلاق والعتاق ، وإنما يراعى أن لا يفسح لهم في التأخر ويجبرهم على الخروج ؛ لأنهم بالذمة والعهد في قبضته وتحت حجره فلم يحتج مع القول إلى غيره .

والضرب الثاني : أن يأذن لهم فيخرجوا معه مختارين فلا أجرة لهم ويستحقوا بالحضور رضخا ، ولا يستحقوا به سهما ؛ لأن المشرك لا يسهم له ، ويستحقه بالحضور من قاتل ومن لم يقاتل ، لكن يفضل رضخ من قاتل على من لم يقاتل ، كالمسلم فمن كان منهم راجلا لم يبلغ برضخه سهم فارس ولا راجل ، ومن كان منهم فارسا لم يبلغ برضخه سهم فارس وفي جواز أن يبلغ به سهم راجل وجهان