پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص133

منه جبرا ؛ لأنه متعين عليه . وقتال المسلم في حق نفسه على وجه الكفاية غير متعين فلم يجبر عليه ، ولا تمنع جهالة القتال وجهالة مدته من جواز الإجارة عليه ؛ لأنه من عموم المصالح فجاز فيه من الجهالة ما لم يجز في العقود الخاصة .

فإن حضروا ولم يقاتلوا ، نظر فيه ، فإن تعذر القتال لانهزام العدو استحقوا الأجرة لأنهم قد بذلوا أنفسهم لما استؤجروا عليه فصاروا كمن أجر نفسه للخدمة فلم يستخدم أو أجر دارا فسلمها ولم تسكن .

وإن أمكن القتال فلم يقاتلوا مع الحاجة إلى قتالهم رد من الأجرة بالقسط مما تتقسط عليه الأجرة ، وفيه وجهان :

أحدهما : أنها تتقسط على المسافة من بلد الإجارة في دار الإسلام ، إلى موضع الوقعة من دار الحرب ، وعلى القتال فيها لأنها إجارة على مسافة وعمل .

والوجه الثاني : أنها تتقسط على مسافة مسيره من بلاد الحرب إلى موضع الوقعة وعلى القتال فيها ، ولا تتقسط على مسافة مسيره في بلاد الإسلام .

والفرق بين المسافتين أن مسيره في بلاد الإسلام سبب يتوصل به إلى العمل ؛ لأنه في غيرها فلم تتقسط عليه الأجرة ، ومسيره في دار الحرب شروع في العمل المستحق عليه ، لأنه كل موضع في دار الحرب محل لقتال أهله ، فتقسط عليه الأجرة وهذان الوجهان مبنيان على اختلاف الوجهين في مسافة الحج هل تتقسط عليه أجرة المعلم أم لا ؟ على وجهين فإن صالح الإمام أهل الثغر الذين استأجرهم للغزو إليه نظر ، فإن كان الصلح بعد دخوله بهم إلى دار الحرب لم يسترجع منهم الأجرة لأن مسيرهم قد أثر في الرهبة المفضية إلى الصلح ، وإن كان الصلح قبل مسيره بهم من بلاد الإسلام استرجع منهم جميع الأجرة ، وكان هذا عذرا بجواز أن يفسخ به ما تعلق بعموم المصالح من الإجارة وإن سلم تفسخ بمثله العقود الخاصة .

وإن كان الصلح بعد مسيره في بلاد الإسلام وقبل دخوله إلى أرض الحرب ففي استحقاقهم من الأجرة بقدر المسافة وجهان من الوجهين المتقدمين :

أحدهما : يستحق به إذا قيل : إن الأجرة تتقسط عليه .

و الوجه الثاني : لا يستحق به إذا قيل إن الأجرة لا تتقسط عليه .

ولو استأجرهم للغزو إلى ثغر فأراد أن يعدل بهم إلى غيره لعذر أو غير عذر نظر فإن كانت مسافة الثغر الثاني أبعد ، وكان طريقه أوعر ، وكان أهله أشجع لم يكن له ذلك . وإن كان مثل الأول أو أسهل كان له ذلك كمن استأجر أرضا ليزرعها برا فليس