پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص131

حنينا بعد الفتح وصفوان مشرك .

حكي عن مالك وأبي حنيفة أنه لا يجوز للإمام أن يستعين بمشرك على قتال المشركين ، احتجاجا بقول الله تعالى : ( وما كنت متخذ المضلين عضدا ) [ الكهف : 51 ] وبقوله تعالى : ( لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ) [ المائدة : 51 ] وبما روى حبيب بن عبد الرحمن عن أبيه عن جده قال : خرج رسول الله ( ص ) في غزوة فأتيته ورجل آخر قبل أن نسلم فقلنا له : أنا نستحي أن يشهد قومنا مشهدا لا نشهده ، فقال : أسلمتما ؟ قلنا : لا ، فقال : إنا لا نستعين بالمشركين على قتال المشركين فأسلمنا وخرجنا معه ، فشهدت ، فلقيني رجل ضربني فقتلته ، وتزوجت بنته ، فقالت لي : لا عدمت من وشحك هذا الوشاح ؟ فقلت : لا عدمت من ألحق أباك بالنار ؟ وهذا نص .

قالوا : ولأن النبي ( ص ) لم يستعن بمشرك في غزوة بدر مع قلة العدد ، فكان أولى أن لا يستعان بهم مع الكثرة وظهور القوة .

وذهب الشافعي رحمه الله إلى جواز الاستعانة بهم لقول الله عز وجل : ( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ) [ الأنفال : 6 ] فكان على عمومه ؛ ولأن رسول الله ( ص ) استغزى بعد بدر يهود بني قينقاع ، فغزوا معه وشهد معه صفوان بن أمية حنينا في شركه بعد الفتح في حرب هوازن ، واستعار منه سبعين درعا فقال : أغصب يا محمد قال : ‘ بل عارية مضمونة مؤداة ‘ وسمع رجلا يقول : غلبت هوازن وقتل محمد ، فقال : ‘ بفيك الحجر ، لرب من قريش أحب إلي من رب من هوازن ‘ ؛ ولأن المشركين خول كالعبيد ، فجازت الاستعانة بهم والاستخدام لهم ؛ ولأنهم إن قتلوا فعلى شرك وإن قتلوا فللمشرك فلم يكن للمنع وجه ، ولم يتخذهم عضدا فنمتنع منهم بالآية الأولى ، وإنما اتخذناهم خدما ولم نتخذهم أولياء ، فنمتنع منهم بالآية الثانية ، وإنما اتخذناهم أعوانا فأما الخبر محمول على أحد وجهين :

إما أن امتنع من ذلك تجوزا تحريضا على الإسلام وهكذا كان ، وإما لاستغنائهم عنهم وهكذا يكون .

وأما ترك إخراجهم إلى بدر فعنه ثلاثة أجوبة .

أحدها : أنه لم يأمنهم وهكذا حكم من لم يؤمن .

والثاني : أنه ما ابتدأ بالخروج للجهاد وإنما قصد أخذ العير ، وصادف فواتها قتال المشركين .

والثالث : أنه قد استعان بهم بعد بدر فكان ما تأخر قاضيا على ما تقدم .