الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص130
الأصناف ومن شاكلها ، لأن المقصود من الانتفاع بهم معدوم ، والمخوف من الضرر بهم موجود .
فإن قيل : فقد كان يغزو أمثال هؤلاء من المنافقين مع رسول الله ( ص ) فيقرهم ولا يردهم فهلا وجب الاقتداء به فيهم .
قيل : لأن الله تعالى قد خص رسوله من ذلك بأمرين عدما فيمن بعده من الولاة :
أحدها : ما يوحى إليه من مكر المنافقين فيحترز منه .
والثاني : اختيار أصحابه بقوة الإيمان وتصديق الوعد .
فإن قيل : فمن شهد الوقعة بغير إذن أبويه وإذن صاحب الدين عاص ويسهم له والصبي من غير أهل الجهاد ويرضخ له فهلا كان هؤلاء بمثابتهم .
قيل : الفرق بينهما أن منع ذوي الضرر لمعنى يختص بمقصود الجهاد المتعبد به ، فبطل حقهم منه ، ومنع ذي الأبوين ومن عليه الدين لمعنى في غير الجهاد ، فلم يبطل حقهم منه اعتبارا بالأصول في غير الجهاد كمنع المصلي بالنجاسة وفي الدار المغصوبة ، تبطل صلاته بالنجاسة لاختصاص المنع ، بمعنى يعود إلى الصلاة ، ولا يبطل في الدار المغصوبة لاختصاص المنع بما لا يعود إليها ، لأنه يمنع من دخولها مصل وغير مصل .
فإن تظاهر هؤلاء بالتوبة نظر ، فإن كانت بعد توجه الظفر لم يسهم لهم ، وإن كانت قبل توجه الظفر كشف عنها .
فإن كانت لتقية وحذر لم يسهم لهم ، وكذلك لو كانت لرغبة في المغنم ، فإن كانت لتدين قد ظهر منهم أسهم لهم ، وإن أشكلت أحوالهم لم يسهم لهم ، لترددها بين إسقاطه واستحقاقه ، ولو غزا من ذوي النفاق من أضمره ولم يتظاهر بالضرر أسهم له ، ولم يكشف عن باطن معتقده .
قد أسهم رسول الله ( ص ) لمن شهد غزواته من المنافقين .
قال الماوردي : قد غزا النبي ( ص ) بيهود بني قينقاع بعد بدر وشهد معه صفوان .