پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص128

( مسألة )

: قال الشافعي : : ‘ ولا يجوز أن يغزو بجعل من مال رجل ويوده إن غزا به وإنما أجرته من السلطان لأنه يغزو بشيء من حقه ‘ .

قال الماوردي : وهذا صحيح ، لا يجوز لأحد أن يغزو عن غيره من أعيان الناس بجعل أو غير جعل ، لثلاثة أمور .

أحدها : أنه إذا التقى الزحفان تعين فرض الثبات عليه فلم يجز أن ينوب فيه عن غيره كالحج لا يجوز أن ينوب فيه عن غيره إذا كان عليه فرضه .

والثاني : أنه يدفع إذا حضر الزحف عن نفسه ، ويقصد حقن دمه ، فلم يجز أن يدفع عن نفسه بعوض على غيره .

والثالث : أنه يملك لحضور الوقعة سهمه من الغنيمة ، ولو صحت الجعالة لملكه صاحبها دونه .

فإن قيل : لو حج عن نفسه جاز أن يحج عن غيره بجعل وغير جعل فهلا جاز إذا غزا عن نفسه أن يغزو عن غيره بجعل أو غير جعل .

قيل : لأن فرض الحج لا يتكرر فصحت فيه النيابة ولو تكرر فرض الحج في كل عام بأن قال : إن شفى الله مرضي فلله علي أن أحج في كل سنة لم تصح منه النيابة لبقاء فرضه عليه كالجهاد ، فإذا صح فساد النيابة في الجهاد وجب على الغازي رد الجعالة ، وكانت دينا عليه إن استهلكها .

فأما جعالة السلطان إذا بذلها للغزاة ، من بيت المال فجائز لأمرين :

أحدهما : أنه بذلها للجهاد عن الكافة دونه ، ولو بذلها للنيابة عنه لم تصح .

والثاني : أنه بذلها لهم من مال هو مستحق لهم لأنهم إن كانوا من مرتزقة أهل الفيء كان لهم حق في مال الفيء ، وإن كانوا من متطوعة الأعراب وأهل الصدقات كان لهم حق في سهم سبيل الله من أموال الصدقات ، ولذلك إذا رجعوا عن الحرب لمانع لم يسترجع منهم ما أخذوه لحقهم فيه . ولكن لا بأس أن يبذل الإنسان مالا يبر به الغازي والحاج . وفاعل البر معونة له ليكون للباذل ثواب بذله ، وللعامل ثواب عمله ، لأنه ينوب فيه عن نفسه لا عن باذل المال .

روى زيد بن خالد الجهني عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ من جهز غازيا أو حاجا أو معتمرا أو خلفه في أهله فله مثل أجره ‘ .

وروي عن عبد الله بن عمر عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ للغازي أجره ، وللجاعل أجره وأجر الغازي ‘ .