پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص127

والقسم الثاني : أن يحدث ذلك بعد دخول أرض العدو وقبل التقاء الزحفين فينظر .

فإن كان المشركون أظهر منعوا من العود .

وإن كان المسلمون أظهر كانوا على خيارهم في المقام والعود .

والقسم الثالث : أن يحدث ذلك بعد التقاء الزحفين ، يتعين عليهم المقام ، ويمنعوا من العود إلى انجلاء الحرب .

( مسألة )

: قال الشافعي : ‘ ويتوقى في الحرب قتل أبيه ‘ .

قال الماوردي : وهذا صحيح ، لقول الله تعالى : ( وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما ، وصاحبهما في الدنيا معروفا ) [ لقمان : 15 ] . فكان من المعروف في حقهما الكف عن قتلهما ، وقال رسول الله ( ص ) : ‘ صلوا أرحامكم ، ولو بالسلام ‘

وروي أن أبا حذيفة بن عتبة بن ربيعة هم بمبارزة أبيه ، وقتله فكفه عنه رسول الله ( ص ) وقال : ‘ دعه يتولاه غيرك ‘ فبرز إليه حمزة ، فقتله ، وكف أبا بكر عن قتل ابنه عبد الرحمن يوم أحد ، وكف عبد الرحمن بن عوف عن قتل أبيه .

فإذا ثبت هذا كرهنا له أن يعمد في الحرب قتل أحد من والديه أو مولوديه ، وإن تعدو ، وقتل كل ذي رحم محرم كالأخوة والأعمام والعمات والأخوال والخالات ، وفيمن عداهم من الأقارب والعصبات كبني الأعمام والعمات وجهان :

أحدهما : لا يكره له قتلهم كالأجانب ، وهو قول أبي علي بن أبي هريرة .

والوجه الثاني : يكره له قتلهم حتى يتراخى نسبهم ويبعد .

والذي عندي أن ينظر حالهم بعد ذوي المحارم ، فإن كان ممن يرث بنسبه ويورث كره له قتلهم لقوة النسب ، وتأكيد حرمته ، وإن كانوا ممن لا يرث ولا يورث لم يكره ، فإن عمد قتل أحدهم فلا حرج عليه ، وينظر .

فإن كان لشدة عناده لله ولرسوله والتعرض لسبهما فليس بمسيء ، وإن كان لغيره فقد أساء .

وروي أن أبا عبيدة بن الجراح قتل أباه وأتى برأسه ( ص ) ، فثقل عليه وقال : ما حملك على قتله ؟ قال : سمعته يسبك ، فأمسك عنه ووجم أبو عبيدة حتى أنزل الله تعالى فيه : ( لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم ) [ المجادلة : 22 ] فأقره على قتله وعذره فيه .