الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص125
وجبت نفقته منهما مسلما كان أو كافرا ، إلا أن يستنيب في الإنفاق عليهما من مال حاضر فلا يلزمه استئذانهما والله أعلم .
قال الماوردي : ‘ وهذا صحيح ، إذا غزا أصحاب الأعذار وكانوا من أهل الجهاد فحدثت لهم أعذار وأرادوا الرجوع فهذا على ضربين :
أحدهما : أن يكون ذلك قبل التقاء الزحفين .
والثاني : بعده ، فإن كان قبل التقاء الزحفين فلا يخلو حاله من ثلاثة أقسام :
أحدها : أن يقدر على الرجوع من الطريق ولا يقدر على التوجه لشدة زمانته أو تزايد مرضه أو ذهاب نفقته أو تلف مركوبه فيؤمر بالرجوع ويمنع من التوجه .
و القسم الثاني : أن يقدر على التوجه ولا يقدر على الرجوع بخوف الطريق على نفسه أو ماله من عدو أو حدث فيؤمر بالتوجه ويمنع من الرجوع .
والقسم الثالث : أن يقدر على الأمرين من التوجه والرجوع فله حالتان :
إحداهما : أن يكون متطوعا بالغزو .
والثانية : أن يكون مستعجلا عليه من السلطان ، فإن كان متطوعا فلا يخلو عذره من أحد أمرين :
إما أن يكون عذره في حق نفسه .
أو يكون في حق غيره .
فإن كان عذره في حق نفسه كالزمانة وذهاب النفقة فهو بالخيار بين التوجه والرجوع ، وليس للسلطان أن يعارضه في واحد منهما .
وإن كان عذره في حق غيره ، كرجوع صاحب الدين في إذنه ، أو رجوع أحد الأبوين فيه فعليه أن يرجع وليس له أن يتوجه ، فإن لم يرجع أخذه السلطان به جبرا ، وإن كان مستعجلا على غزوة من السلطان نظر في عذره ، فإن كان في حق غيره لم يرجع ، لما وجب عليه من حق الجعالة المشتركة بين حقوق الله ، وحقوق الآدميين فكانت أوكد مما انفرد بحقوق الآدميين ، وإن كان عذره في حق نفسه فعلى ضربين :
أحدهما : أن يكون العذر متقدما على الجعالة فيمنع من الرجوع ، لأنه دخل في الجعالة متلزما لها مع عذره .
والضرب الثاني : أن يكون العذر حادثا بعد الجعالة لحدوث زمانة أو تلف نفقة ، فيجوز له الرجوع ، ولا يمنع السلطان منه لظهور عجزه وعدم تأثره ولا يسترجع منه ما