پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص123

ثم من نص السنة ما رواه أبو سعيد الخدري أن رجلا هاجر إلى رسول الله ( ص ) من اليمن فقال : ‘ قد هجرت الشرك وبقيت هجرة الجهاد ، فهل لك باليمن أحد ؟ قال : نعم : أبواي قال : استأذنتهما فإن أذناك فجاهد وإلا فبرهما ‘

وروى حبيب بن أبي ثابت عن أبي العباس عن عبد الله بن عمرو قال : جاء رجل إلى النبي ( ص ) يستأذنه في الجهاد فقال : أحي والداك ؟ قال : نعم ، قال ففيهما فجاهد ‘

وروى عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو قال : جاء رجل إلى النبي ( ص ) فقال : ‘ جئت أبايعك وتركت أبوي يبكيان فقال : ارجع إليهما فأضحكهما كما أبكيتهما وأبى أن يبايعه ‘

وروي أن رجلا أتى رسول الله ( ص ) فقال : يا رسول الله : أبايعك على الجهاد فقال : هل لك من بعل ؟ قال : نعم ، قال : فانطلق فجاهد ، فإن لك فيه مجاهدا حثيثا ، يريد بالبعل من تلزمه طاعته من والد أو والدة مأخوذ من قولهم : بعل الدار ، أي مالكها ، ومنه سمي الزوج بعلا .

ولأن فرض الجهاد على الكفاية وطاعة الأبوين من فروض الأعيان فكان أوكد فأما إذا كان أبواه مشركين لم يلزمه استئذانهما ، لأنهما يمنعانه تدينا وقد جاهد أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة مع رسول الله ( ص ) وأبوه عتبة يقاتل رسول الله ( ص ) يوم بدر حتى قتل وكان سيد المشركين .

وقاتل عبد الله بن عبد الله بن أبي مع رسول الله ( ص ) يوم أحد وأبوه عبد الله بن أبي ابن سلول رأس المنافقين يخذل الناس عن رسول الله ( ص ) ويصدهم عن اتباعه ويقول : ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا .

وقيل إن القائل لهذا قشير بن معتب فدل على أنه لا اعتبار بإذن من أشرك أو نافق لأن النفاق هو الشرك الخفي .

( فصل )

: فإذا ثبت هذا لم يخل حال الأبوين من ثلاثة أقسام :

أحدها : أن يكونا مسلمين فعليه أن يستأذنهما ولهما في الإذن ثلاثة أحوال :

أحدهما : أن يأذنا له معا فله الجهاد ، فإن رجعا عن الإذن رد عليهما ما لم يتلق الزحفان .

والحال الثانية : أن يمتنعا من الإذن فيمنع من الجهاد فإن أذنا بعد المنع سقط حكم المنع .

والحال الثالثة : أن يأذن له أحدهما ويمنعه الآخر فيغلب حكم المنع على الإذن