الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص119
فذهب الحسن البصري وعبد الرحمن بن زيد إلى أنها واردة في الجهاد أيضا كررها الله تعالى في سورتين تأكيدا .
وذهب جمهور المفسرين إلى أنها في النور واردة في المؤاكلة .
واختلف من قال بهذا في المراد بالمؤاكلة على ثلاثة أقاويل :
أحدها : أن الأنصار كانوا يتحرجون أن يأكلوا مع هؤلاء إذا دعوا إلى طعام ، لأن الأعمى لا يبصر أطيب الطعام ، والأعرج لا يستطيع الزحام والمريض يضعف عن مشاركة الصحيح في الطعام ، وكانوا يعزلون طعامهم مفردا ، ويرون ذلك أفضل من مشاركتهم فيه ، فأنزل الله تعالى ذلك في رفع الحرج عن مؤاكلتهم ، وهذا قول ابن عباس والضحاك .
والثاني : أنه كان هؤلاء المذكورون من أهل الزمانة يخلفون الأنصار في منازلهم إذا خرجوا للجهاد ، وكانوا يتحرجون أن يأكلوا منها فرخص الله لهم في الأكل من بيوت من استخلفوهم فيها وهذا قول الزهري .
والثالث : أنه ليس على من ذكر من أهل الزمانة حرج إذا دعى إلى طعام أن يأخذ معه قائده ، وهذا قول عبد الكريم .
وكذلك الأعشى الذي يبصر نهارا ولا يبصر ليلا ، والأحول والأعمش يتوجه فرض الجهاد إلى جميعهم ، وهكذا الأصم ، لأن المعتبر النظر دون السمع .
وروى زيد بن ثابت قال : قال لي رسول الله ( ص ) : اكتب : ( لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله ) الآية . فكتبتها في كتف ، فقال ابن أم مكتوم – وكان أعمى _ : فكيف بمن لا يستطيع قال : فأخذت رسول الله ( ص ) السكينة ثم سري عنه ، فقال : اقرأ يا زيد ما كتبت فقرأت ( لا يستوي القاعدون من المؤمنين ) النساء : 95 ] فقال : ( غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله ) [ النساء : 95 ] فكتبتها .
والثاني : من أهل الأعذار الأعرج ، وفي المراد في من الآية قولان :
أحدهما : المقعد .