پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص113

على كل من أطاقه وقدر عليه من البلاد التي أظلها العدو ، وكان فرضه على غيرهم باقيا على الكفاية .

والثاني : أن يطلب المسلمون بلاد المشركين ليقاتلوهم على الدين حتى يسلموا أو يبذلوا الجزية إن لم يسلموا ، لأن الله تعالى فرض الجهاد لنصرة دينه ، فقال تعالى : ( وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله ) [ البقرة : 193 ] . وهذا مما لا يتعين فرض الجهاد فيه ، ولا يكون إلا على الكفاية ، وإن جاز أن يتعين في الأول ، ولا يجوز للإمام وكافة المسلمين أن يقتصروا في الجهاد على أحد هذين الأمرين حتى يجمعوا بينهما فيذبوا عن بلاد الإسلام ، ويقاتلوا على بلاد الشرك ، فإن وقع الاقتصار على أحدهما : حرج أهل الجهاد لإخلالهم بفرض الكفاية ، وفرض الكفاية ما إذا قام به بعضهم سقط فرضه عن الباقين ، وفرض الأعيان ما لا يسقط فرضه إلا عن فاعله والكفاية في الجهاد تكون من وجهين :

أحدهما : أن يتولاه الإمام بنفسه ويقوم فيه بحقه فيسقط فرضه عن الكافة لمباشرة الإمام له بأعوانه

والثاني : أن تكون ثغور المسلمين مشحونة من المقاتلة بمن يذب عنها ويقاتل من يتصل بها فيسقط بهم فرض الجهاد عمن خلفهم ، فإن ضعفوا واستنفروا وجب على من وراءهم من المسلمين أن يمدوهم من أنفسهم بمن يتقوون به على قتال عدوهم ، ويصير جميع من تخلف عن إمدادهم داخلا في فرض الكفاية حتى يمدوهم بأهل الكفاية لقول النبي ( ص ) : ‘ المسلمون تتكافؤ دماؤهم وهم يد على من سواهم ويسعى بذمتهم أدناهم ‘ وفي تسميته جهادا تأويلان :

أحدهما : لأنه يجهد في قهر عدوه

والثاني : لأنه يبذل فيه جهد نفسه .

روي عن النبي ( ص ) أنه قال وقد رجع من بعض غزواته : ‘ رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر ‘ يعني : جهاد النفس .

( مسألة )

قال الشافعي : ‘ ودل كتاب الله عز وجل ثم على لسان نبيه ( ص ) أنه لم يفرض الجهاد على مملوك ولا أنثى ولا على من لم يبلغ لقول الله تعالى ( وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ) فحكم أن لا مال للملوك وقال ( حرض المؤمنين على القتال ) فدل على أنهم الذكور وعرض ابن عمر على النبي ( ص ) يوم أحد وهو ابن أربع عشرة سنة فرده وعرض عليه عام الخندق وهو ابن خمس عشرة سنة فأجازه وحضر مع النبي ( ص ) في غزوة عبيد ونساء غير بالغين فرضخ لهم وأسهم لضعفاء أحرار وجرحى