الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص111
[ التوبة : 41 ] وفي الجهاد بالمال تأويلان :
أحدهما : الإنفاق على نفسه بزاد وراحلة .
والثاني : ببذل المال لمن يجاهد إن عجز عن الجهاد بنفسه .
وفي الجهاد بالنفس تأويلان :
أحدهما : الخروج مع المجاهدين .
والثاني : القتال إذا حضر الوقعة : ( ذلكم خير لكم ) فيه تأويلان :
أحدهما : أن الجهاد خيرا من تركه .
والثاني : أن الخير في الجهاد لا في تركه .
( إن كنتم تعلمون ) فيه تأويلان :
أحدهما : إن كنتم تعلمون صدق الله في وعده ووعيده .
والثاني : إن كنتم تعلمون أن الله يريد لكم الخير ، فدلت هذه الآية على تعيين الفرض ، ثم دل عليه قوله تعالى ( وعلى الثلاثة الذين خلفوا ) [ التوبة : 118 ] . يعني : تاب الله على الثلاثة الذين خلفوا وهم كعب بن مالك ، وهلال بن أمية ومرارة بن الربيع ، تخلفوا عن رسول الله ( ص ) في غزوة تبوك . وفي قوله : ( خلفوا ) تأويلان :
أحدهما : خلفوا عن السرية .
والثاني : خلفوا عن الخروج : ( حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت ) [ التوبة : 118 ] . لأن رسول الله ( ص ) والمسلمين هجروهم ( وضاقت عليهم أنفسهم ) يعني : مما لقوه من جفاء المسلمين لهم : ( وظنوا ألا ملجأ من الله إلا إليه ) [ التوبة : 118 ] أي : تيقنوا أنهم لا يجدون ملجأ يلجأون إليه في قبول توبتهم والصفح عنهم إلا إلى الله : ( ثم تاب عليهم ليتوبوا ) [ التوبة : 118 ] . أي : قبل توبتهم ليستقيموا ، قال كعب بن مالك : وذلك بعد خمسين ليلة من مقدم رسول الله ( ص ) من تبوك ، فلو كان فرض الجهاد على الكفاية دون الأعيان لم يخرج هؤلاء الثلاثة وقد خرج في هذه الغزوة ثلاثون ألفا ، لا يؤثر هؤلاء الثلاثة فيهم .
والوجه الثاني : أن فرض الجهاد لم يزل على الكفاية دون الأعيان لقول الله تعالى : ( وما كان المؤمنون لينفروا كافة ) [ التوبة : 122 ] . وفيه تأويلان :
أحدهما : وما كان عليهم أن يجاهدوا جميعا لأن فرضه على الكفاية .
والثاني : ما كان لهم إذا جاهدوا قوما أن يخرجوا معهم ، حتى يتخلفوا لحفظ