الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص110
وهو من الأشهر الحرم وأما الحرم فقد كان القتال فيه حراما على عموم الأحوال ، لقول الله تعالى : ( ومن دخله كان آمنا ) ثم أباح الله تعالى فيه قتال من قاتل دون من لم يقاتل فقال : ( ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم ) [ البقرة : 191 ] ثم أباح الله تعالى فيه قتال من قاتل ومن لم يقاتل بقوله تعالى : ( وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله ) [ البقرة : 193 ] . وبقوله تعالى : ( فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ) [ التوبة : 5 ] . وقال : ( واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم ) [ البقرة : 191 ] . فصار لتحريم القتال في الحرام ثلاثة أحوال .
الأولى : تحريمه فيه لمن قاتل ومن لم يقاتل .
والثانية : إباحته لمن قاتل دون من لم يقاتل .
والثالثة : إباحته لمن قاتل ومن لم يقاتل .
وقال مجاهد : هذه الحال الثالثة غير مباحة ، ولا يستبيح فيه إلا قتال من قاتل دون من لم يقاتل ، وهذا خطأ من وجهين :
أحدهما : أن رسول الله ( ص ) قاتل أهل مكة عام الفتح مبتدءا .
والثاني : أنه قاتل فيه أهل المعاصي فكان تطهير الحرم منهم أولى .
أحدهما : وهو قول أبي علي بن أبي هريرة أن ابتداء فرضه كان على الأعيان ثم نقل إلى الكفاية لقول الله تعالى : ( انفروا خفافا و ثقالا ) [ التوبة : 41 ] . وفيه سبعة تأويلات :
أحدها : شبابا وشيوخا ، وهذا قول الحسن .
والثاني : أغنياء وفقراء ، وهذا قول أبي صالح .
والثالث : أصحاء ومرضى ، وهذا قول جويبر .
والرابع : ركبانا ومشاة ، وهذا قول جويبر .
والخامس : نشاطا وكسالى ، وهذا قول ابن عباس
والسادس : على خفة النفير وثقله ، وهذا ابن جرير والسابع : خفافا إلى الطاعة ، وثقالا عن المخالفة ، ويحتمل تأويلا ثامنا : خفافا إلى المبارزة وثقالا في المصابرة : ( وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله )