الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص106
والثاني : أعرض عن استهزائهم .
والمستهزؤون خمسة : الوليد بن المغيرة ، والعاص بن وائل ، وأبو زمعة والأسود بن عبد يغوث ، والحارث بن الطلاطلة ، أهلكهم الله جميعا قبل بدر ، لاستهزائهم برسوله ، وقال تعالى : ( وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره ) [ الأنعام : 68 ] . وفي خوضهم في آياته تأويلان :
أحدهما : تكذيبهم بالقرآن .
والثاني : تكذيبهم لرسول الله ( ص ) وقال تعالى : ( ادع إلى ربك بالحكمة والموعظة الحسنة ) [ النحل : 125 ] . يعني إلى دين ربك وهو الإسلام . ( بالحكمة ) فيها تأويلان :
أحدهما : بالقرآن ، قاله الكلبي .
والثاني : بالرسالة وهو محتمل . ( والموعظة الحسنة ) فيه تأويلان :
أحدهما : بالقرآن ، من ليس من القول ، قاله الكلبي .
والثاني : بما فيه من الأمر والنهي ، قاله مقاتل . ( وجادلهم بالتي هي أحسن ) [ النحل : 125 ] فيه أربعة تأويلات :
أحدها : بالعفو .
والثاني : بأن توقظ القلوب ولا تسفه العقول .
والثالث : بأن ترشد الخلف ولا تذم السلف .
والرابع : على قدر ما يحتملون .
روى نافع عن ابن عمر عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ أمرنا معاشر الأنبياء أن نعلم الناس على قدر عقولهم ‘ وقال تعالى : ( فإن حاجوك فقل أسلمت وجهي لله ومن اتبعني ) [ آل عمران : 2 ] وفيه تأويلان .
أحدهما : معناه : أسلمت نفسي لامتثال أمر الله .
والثاني : معناه أخلصت قصدي لطاعة الله .
فإن قيل : في أمره عند حجاجهم بأن يقول : أسلمت وجهي لله عدول عن جوابهم وتسليم بحجاجهم .
قيل : فيه جوابان :