الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص100
البيعة العامة بعد البيعة الخاصة في سقيفة بني ساعدة فجلس على المنبر ، فقام عمر فقال : أيها الناس إن الله عز وجل قد أبقى فيكم كتابه الذي هدى به رسوله ، فإن اعتصمتم به هداكم الله لما هداه له وإن الله قد جمع أمركم على خيركم صاحب رسول الله ( ص ) ثاني اثنين إذ هما في الغار ، فقوموا فبايعوا ، فبايع الناس أبا بكر البيعة العامة ، ثم تكلم أبو بكر فحمد الله تعالى ، وأثنى عليه ، ثم قال : أما بعد ، أيها الناس فإني قد وليت عليكم ولست بخيركم ، فإن أحسنت فأعينوني ، وإن أسأت فقوموني الصدق أمانة ، والكذب خيانة ، والضعيف منكم قوي عندي حتى أدفع إليه حقه والقوي منكم ضعيف حتى آخذ الحق منه ، لا يدع قوم الجهاد في سبيل الله إلا ضربهم الله بالذل ، ولا تشيع الفاحشة في قوم إلا عمهم الله بالبلاء ، أطيعوني ما أطعت الله ورسوله فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم ، قوموا إلى صلاتكم ، رحمكم الله
ودعى سعد بن عبادة إلى البيعة فأبى فأراد عمر أن يعنف به ، فأشار بشير بن سعد بتركه فترك وخرج من الغد فخطب الناس وقال بعد حمد الله والثناء عليه : أيها الناس إنما أنا مثلكم إني لا أدري لعلكم ستكلفوني ما كان رسول الله ( ص ) يطيق وإن الله اصطفاه على العالمين وعصمه من الآفات وإنما أنا منيع ولست بمبتدع ، فإن استقمت فتابعوني ، وإن زغت فقوموني ، وإن رسول الله ( ص ) قبض وليس أحد من هذه الأمة يطلبه بمظلمة ألا وان لي شيطانا يعتريني ، فإذا أتاني فاجتنبوني لا أؤثر في أشعاركم وأبشاركم وإنكم تغدون وتروحون في أجل قد غيب عنكم علمه فإن استطعتم ألا يمضي هذا الأجل إلا في عمل صالح فافعلوا [ ولن تستطيعوا ذلك إلا بالله ] وسابقوا في مهل آجالكم قبل أن تسلمكم آجالكم إلى انقطاع الأعمال الجد الجد ، الوحا الوحا النجا النجا ، فإن وراءكم طالبا حثيثا ، [ أجلا مره سريع ] احذروا الموت ، واعتبروا بالآباء والأبناء [ والأخوات ] ولا تغبطوا الأحياء إلا بما تغبطون به الأموات
اعتبروا عباد الله بمن مات منكم ، وتذكروا من كان قبلكم ، أين كانوا أمس ، وأين هم اليوم ( هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا ) [ مريم : 98 ] ألا إن الله أبقى عليهم التبعات ، وقطع عنهم الشهوات ، ومضوا والأعمال أعمالهم والدنيا دنيا غيرهم وبقينا خلفا بعدهم ، فإن نحن اعتبرنا بهم نجونا وإن اغتررنا كنا منا مثلهم ، وإن الله تعالى ليس بينه وبين أحد من خلقه سبب يعطيه به خيرا ، أو ويصرف عنه به شرا إلا بطاعته واتباع أمره
ثم جمع الأنصار وقال لهم : أنتم بعث أسامة فاستنظروه لأجل من ارتد من العرب فأبى وخرج إلى الجرف يشيعهم وهو ماش وأسامة راكب وعبد الرحمن بن عوف يقود دابة أبي بكر فقال أسامة : يا خليفة رسول الله ( ص ) ، والله لتركبن أو لأنزلن ، فقال :