پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص96

إليها ، وحضر غسل رسول الله ( ص ) أربعة ، علي بن أبي طالب ، والعباس بن عبد المطلب ، والفضل بن العباس وأسامة بن زيد ، فتفرد علي بغسله وكان العباس يستر عليه الثوب وكان الفضل يناوله الماء وكان أسامة يتردد إليهم بالماء ، ولما أرادوا نزع قميصه لغسله سمعوا هاتفا يقول يسمعون صوته ولا يرون شخصه : غسلوه في قميصه الذي مات فيه ولا تنزعوه عنه ، فغسل فيه وكفن في ثلاثة أثواب بيض غلاظ يمانية سحولية ليس فيها قميص ولا عمامة ، وحنط وكان في حنوطه مسك

ولما فرغ من إكفانه ووضع على سريره ودخل الناس فصلوا عليه أفواجاً ، لا يؤمهم أحد ، لأنه كان إمام الأمة حيا وميتاً ، فكان أول من دخل للصلاة عليه بنو هاشم ثم المهاجرون ثم الأنصار ثم من بعدهم من الرجال ثم النساء ثم الصبيان . ودخل أبو بكر وعمر ومعهما نفر من المهاجرين والأنصار فقالوا : السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، وسلم الناس كما سلما ، ثم قالا : إنا نشهد أن قد بلغ ما أنزل الله جملة إليه . ونصح لأمته وجاهد في سبيل الله حتى أعز الله دينه وتمت كلمات ربه فاجعلنا يا إلهنا ممن يتبع القول الذي أنزل معه ، واجمع بيننا وبينه حتى يعرفنا ونعرفه فإنه كان بالمؤمنين رؤوفا رحيما لا نبتغي بالإيمان بدلا ، ولا نشتري به ثمنا أبدا فقال الناس آمين آمين وتفرقوا

ثم دخل بعدهم فوج بعد فوج ، وابتدأ الناس بالصلاة عليه من حين زاغت الشمس من يوم الاثنين إلى أن زاغت الشمس من يوم الثلاثاء ، واختلفوا في موضع قبره فقال قائل : عند المنبر

وقال قائل : حيث كان يصلي بالناس

وقال قائل : يدفن مع أصحابه بالبقيع ، فقال أبو بكر : ادفنوه حيث قبضه الله فإني سمعت رسول الله ( ص ) يقول : ما مات نبي إلا دفن حيث يقبض فرفع فراشه الذي مات عليه فدفن تحته

وكانت عائشة تقول لأبي بكر : إني رأيت في المنام كأن ثلاثة أقمار سقطن في حجري ، فلما دفن رسول الله ( ص ) في حجرتها قال لها أبو بكر : هذا أحد أقمارك وهو خيرها

واختلفوا في حفر قبره لحدا كأهل المدينة أو ضريحا كأهل مكة ، وكان أبو طلحة يلحد ، وأبو عبيدة بن الجراح يضرح ، فأنفذ العباس رجلين أحدهما إلى أبي طلحة والآخر إلى أبي عبيدة ، وقال : اللهم خر لنبيك فسبق مجيء أبي طلحة ، فحفر له لحدا فأخذ به الشافعي في الاختيار

وقد روى جرير بن عبد الله عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ اللحد لنا ، والشق لغيرنا ‘