الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص95
ودخل الفضل بن العباس على رسول الله ( ص ) في مرضه فقال : يا فضل ؛ شد هذه العصابة على رأسي ونهض على يده حتى دخل المسجد فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : أنه قد دنا مني حقوق من بين أظهركم وإنما أنا بشر ، فأيما رجل أصبت من عرضه شيئا فهذا عرضي فليقتص ، وأيما رجل أصبت من بشره شيئا فهذا بشري فليقتص وأيما رجل أصبت من ماله شيئا فهذا مالي فليأخذ ، واعلموا أن أولاكم بي رجل كان له من ذلك شيء فأخذه أو حللني ، فلقيت ربي وأنا محلل ، ولا يقولن رجل : إني أخاف العداوة والشحناء من رسول الله ( ص ) فإنهما ليسا من طبيعتي ولا خلقي ، فقام رجل فقال : يا رسول الله لي عندك ثلاثة دراهم فقال : أما أنا فلا أكذب قائلا ولا مستخلفه على يمين ، فيم كانت لك عندي ؟ قال : أما تذكر أنه مر بك سائل فأمرتني فأعطيته ثلاثة دراهم . قال صدق ، أعطها إياه يا فضل
وروي أن النبي ( ص ) قال في مرضه هذا : يا عباس بن عبد المطلب . يا فاطمة بنت محمد يا صفية عمة رسول الله يا بني عبد مناف اعملوا لما عند الله إني لا أغني عنكم من الله شيئا سلوني ما شئتم فلما حل برسول الله ( ص ) الموت قال : يا نفس ما لك تلوذين كل ملاذ ، وكان عنده قدح فيه ماء فكان يدخل يده فيه ويمسح بها وجهه ثم يقول : ‘ اللهم أعني على سكرات الموت ‘ ثم مات ( ص ) ورأسه في حجر عائشة ، قالت عائشة : مات رسول الله ( ص ) بين سحري ونحري وفي بيتي ودولتي ولم أظلم فيه أحدا
وقال علي بن أبي طالب عليه السلام مات وقد أسندته إلى صدري ، ووضع رأسه على منكبي فقال : الصلاة الصلاة ، قال كعب : كذلك آخر عهد الأنبياء وبه أمروا وعليه يبعثون ، ثم سجي ببرد حبرة ، وكان بدء مرضه يوم الأربعاء لليلتين بقيتا من صفر ، وقيل : لليلة بقيت منه ، ومات يوم الاثنين ، الثاني عشر من شهر ربيع الأول حتى زاغت الشمس ، وهو مثل اليوم الذي دخل فيه إلى المدينة مهاجرا ، لأنه دخلها في يوم الاثنين الثاني عشر من شهر ربيع الأول
وقال ابن عباس : ولد رسول الله ( ص ) يوم الاثنين ونبىء يوم الاثنين ، ورفع الحجر يوم الاثنين ، وخرج مهاجرا يوم الاثنين ، ودخل المدينة يوم الاثنين ، وقبض يوم الاثنين . فكان مدة مرضه ثلاثة عشرة يوما ، ونزل على حاله مسجى لم يدفن في بقية يوم الاثنين ويوم الثلاثاء ودفن في آخره ، وقيل : في الليل بعد أن ربا قميصه قال القاسم بن محمد ، واخضرت أظفاره وكان له يوم مات في رواية الجمهور ثلاثة وستون سنة . أقام منها بالمدينة بعد هجرته إليها عشر سنين يخرج فيها إلى غزواته ويعود