الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص81
فأسلم عدي بن حاتم ، فكان يقول : مضت اثنتان وبقيت الثالثة ، والله لتكونن قد رأيت القصور البيض من أرض بابل قد فتحت ، ورأيت المرأة تخرج من القادسية على بعيرها لا تخاف شيئا حتى تحج هذا البيت ، وايم الله لتكونن الثالثة ليفيض المال حتى لا يوجد من يأخذه
ثم غزوة تبوك إلى الروم في رجب
وسببها : أن رسول الله ( ص ) بلغه أن الروم قد اجتمعت مع هرقل ، وانضم إليها من العرب لخم وجذام وعاملة وغسان ، وعزموا على المسيرة ، وقدموا مقدماتهم إلى البلقاء ، فندب الناس إلى الخروج وأعلمهم أنه يتوجه لحرب الروم ، وكان عادته أن يوري إذا أراد الخروج إلى وجه إلا في هذه الغزوة ، فإنه صرح بحاله لبعد المسافة والحاجة إلى كثرة العدد ، وبعث إلى أهل مكة وإلى قبائل العرب يستنفرهم ، وحث على الصدقات فحملت إليه ، وأنفق عثمان بن عفان فيها مالا عظيما وكان الناس في عزة من المال وشدة من الحر وجدب من البلاد ، وكان وقت الثمار والميل إلى الظلال ، فشق على الناس الخروج على مثل هذه الحال في مثل هذه الجهة ، فعصم الله أهل طاعته حتى أجابوا
وخرج رسول الله ( ص ) في يوم الخميس وكان يحب الخروج فيه فعسكر بثنية الوداع ، وخرج عبد الله بن أبي ابن سلول في المنافقين ، وفي أحلافه من اليهود فعسكروا بنفيل بثنية الوداع ، ولم يكن عسكره بأقل العسكرين ، وتأخر عن رسول الله ( ص ) أصناف : منهم المنافقون ، وكانوا بضعا وثمانين رجلا ، وكانوا يثبطون الناس وقالوا : ( لا تنفروا في الحر قل نار جهنم أشد حرا ) [ التوبة : 81 ] واستأذنوا في العقود ؟ ، فأذن لهم ؛ منهم الجد بن قيس قال له رسول الله ( ص ) : ‘ لعلك تحتقب بعض بنات الأصفر ‘ فقال : لا تفتني بهن ، فأنزل الله تعالى : ( ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني ألا في الفتنة سقطوا ) [ التوبة : 29 ]
وصنف منهم المعذورون وكانوا اثنين وثمانين رجلا ، ذكروا أعذارا واستأذنوا في القعود ، فأذن لهم ، ولم يعذرهم