الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص79
وقدم وفد الداريين من لخم وهم عشرة
وقدم وفد بلي فنزلوا على رويفع البلوي وكان عروة بن مسعود الثقفي حين انصرف رسول الله ( ص ) من الجعرانة إلى المدينة أدركه قبل وصوله إلى المدينة ، فأسلم واستأذنه أن يرجع إلى قومه بالطائف . يدعوهم إلى الإسلام لطاعتهم له ، فأذن له ، فلما قدم عليهم أشرفوا عليه من حصنهم فأخبرهم بإسلامه ، ودعاهم إلى الإسلام فرموه بالنبل من كل جهة و حتى أصابه سهم وهب بن جابر فقتله فقيل لعروة : ما ترى من دمك ؟ فقال : كرامة أكرمني الله بها ، وشهادة ساقها الله إلي ، فليس لي فيها إلا ما للشهداء ، فادفنوني معهم و فلما بلغ ذلك رسول الله ( ص ) قال : ‘ إن مثله في قومه كمثل صاحب ليس في قومه ‘
فلما رأت ثقيف إسلام جميع من حولهم من العرب ، وأنهم لا قبل لهم بهم لا يأمن لهم بهيمة ولا يأمن لهم سرب ، ولا يطلع منهم ركب ائتمروا بينهم و حتى اجتمع رأيهم على إنفاذ عبد ياليل بن عمرو بن عمير ، ومعه عثمان بن أبي العاص وشرحبيل بن غيلان بن سلمة وأوس بن عوف ، ونمير بن خرشة فخرج بهم ، وهو ناب القوم وصاحب أمرهم ، فلما دنوا من المدينة رآهم المغيرة بن شعبة ، وهو يرعى ركاب رسول الله ( ص ) ؛ لأن أصحابه كانوا يرعونها نوبا ، وكانت نوبة المغيرة ، فأسرع ليبشر رسول الله ( ص ) بقدومهم للإسلام والبيعة ، فعرف أبو بكر ذلك منه ، فبشر رسول الله ( ص ) بقدومهم ، وعاد المغيرة إليهم ، وراح بالركاب معهم ، وعلمهم تحية الإسلام فلم يحيوا رسول الله ( ص ) حين قدموا عليه إلا بتحية الجاهلية ، وضرب لهم قبة في ناحية مسجده ومشى بينه وبينهم خالد بن سعيد بن العاص ، وكانوا لا يأكلون طعاما يحمل إليهم من رسول الله ( ص ) حتى يأكل منه خالد بن سعيد بن العاص ، حتى أسلموا ، وشرطوا لأنفسهم ثلاثة شروط :
أحدها : أن يدع لهم الطاغية ، وهي اللات ثلاث سنين
والثاني : أن يتولوا كسر أوثانهم بأنفسهم
والثالث : أن يعفيهم من الصلاة
فقال : أما الطاغية فلا أقرها فاستنزلوه عنها إلى شهر فأبى ، وأنفذ أبا سفيان بن حرب والمغيرة بن شعبة لهدمها ، وأن يقضي أبو سفيان دين عروة بن مسعود من مالها