الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص67
ولما دخل رسول الله ( ص ) مكة ، وذلك في يوم الجمعة العشرين من رمضان ضربت له بالحجون قبة من أدم ؛ لينزل فيها عند رايته التي غرسها الزبير ، فقيل له : ألا تنزل منزلك ؟ فقال : ‘ وهل ترك لنا عقيل من ربع ، وكان ابن أم مكتوم يمشي بين يديه حين دخل ، وهو يقول :
وطاف رسول الله ( ص ) بالبيت على ناقته القصوى ، وحول الكعبة ثلاثمائة وستون صنما ، فجعل كلما مر بصنم منها يشير إليه بقضيب في يده ، ويقول : ( جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا ) [ الإسراء : 81 ] فيقع الصنم لوجهه ، وكان أعظمها هبل وهو وجاه الكعبة ، وجاء إلى المقام ، وهو لاصق بالكعبة ، فصلى خلفه ركعتين ثم جلس ناحيته من المسجد ، وجاءته قريش فأسلموا طوعا وكرها ، وقالوا : يا رسول الله ( ص ) اصنع بنا صنع أخ كريم ، فقال : أنتم الطلقاء ، ثم قال : مثلي ومثلكم كما قال يوسف لإخوته : ( لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين ) [ يوسف : 92 ] .
ثم أجمعوا المبايعة ، فجلس على الصفا ، وجلس عمر أسفل مجلسه يأخذ على الناس ، فبايعوا على السمع والطاعة لله ولرسوله فيما استطاعوا فقال : ‘ لا هجرة بعد الفتح ‘ وجاء النساء لمبايعته وكان فيهن هند بنت عتبة متنكرة لأجل صنيعها بحمزة وكان أبو سفيان زوجها حاضرا فلما تكلمت عرفها رسول الله ( ص ) فقال : ‘ إنك لهند فقالت : أنا هند فاعف عما سلف ، عفا الله عنك ، فقال : تبايعين على أن لا تشركي بالله شيئا ، فقالت هند : إنك لتأخذ علي ما لم تأخذه على الرجال وسنؤتيكه قال : ولا تسرقن ، فقالت هند : إني كنت أصيب من مال أبي سفيان الهنة والهنة فقال أبو سفيان