الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص65
يعلم قريشا بنزول رسول الله ( ص ) ليخرجوا إليه فيستأمنوه ، فبينما هو يطوف بين الأركان إذ سمع كلام أبي سفيان ، فعرف صوته فأردفه على البغلة في جواره ، وعاد معه حكيم بن حزام ، قيل : وبديل بن ورقاء حتى أدخله على رسول الله ( ص ) وعرفه عمر بن الخطاب ، فدخل عليه وقال : يا رسول الله هذا أبوسفيان عدو الله وعدو لرسوله ، قد أمكن الله منه بغير عهد ولا عقد ، فاضرب عنقه ، فقال العباس لعمر : لو كان من بني عدي ما قلت هذا ، فقال عمر مهلا يا عباس ، فوالله لأسلامك يوم أسلمت كان أحب إلي من إسلام الخطاب لو أسلم ، فقال رسول الله ( ص ) للعباس : ‘ اذهب به فقد آمناه حتى تغدو به من الغد ‘ فلما أصبح غدا به على رسول الله ( ص ) فلما رآه قال له : ‘ ويحك يا أبا سفيان ألم يأن لك أن تعلم أن لا إله إلا الله فقال : بأبي أنت وأمي ، ما أوصلك وأحلمك وأكرمك والله لقد علمت أن لو كان مع الله غيره لقد أغنى عني شيئا ، فقال : ويحك يا أبا سفيان ألم يأن لك بعد أن تعلم أني رسول الله ‘ فقال : بأبي أنت وأمي ما أوصلك وأحلمك وأكرمك ! أما هذه ففي النفس منها شيء فقال له العباس : أشهد شهادة الحق قبل أن يضرب عنقك فشهد ، فقال رسول الله ( ص ) : ‘ انصرف واحبسه عند حطم الجبل بمضيق الوادي حتى تمر عليه جنود الله ‘ فقال له يا رسول الله إن أبا سفيان رجل يحب الفخر فاجعل له ما يكون في قومه فخرا ، فقال : ‘ من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ومن دخل دار حكيم بن حزام فهو آمن ، ومن دخل المسجد فهو آمن ، ومن أغلق بابه فهو آمن ‘ واستثنى قتل سنة رجال وأربع نسوة ، وقال يقتلون وإن تعلقوا بأستار الكعبة فالرجال : عكرمة بن أبي جهل ، وهبار بن الأسود ، وعبد الله بن سعد بن أبي سرح ومقيس بن صبابة ، وحويرث بن نقيذ ، وعبد الله بن خطل
والنسوة : هند بنت عتبة ، وسارة مولاة عمرو بن هاشم وقينتا بنت خطل وفرتنى وقريبة فلما أراد رسول الله ( ص ) دخول مكة دفع راية المهاجرين والأنصار إلى سعد بن عبادة ، فلما سار بها سمعه بعض المهاجرين وهو يقول :
فذكر ذلك لرسول الله ( ص ) فقال : اليوم يوم المرحمة وأخذ الراية منه وسلمها إلى ابنه قيس بن سعد وأنفذ الزبير بن العوام ، ومعه رايته ليدخل من كداء أعلى مكة ودار أبي سفيان بأعلاها ، وأنفذ خالد بن الوليد من الليط أسفل مكة ، ودار حكيم بن حزام بأسفلها ، ووصاهما أن لا يقاتلا إلا من قاتلهما