پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص51

رسول الله ( ص ) بتور فيه ماء ، فوضع يده فيه فجعل الماء يخرج من بين أصابعه ، كأنها العيون حتى ارتوى جميع الناس ، وسميت هذه السنة عام الحديبية ؛ لأنها أعظم ما كان فيها ، وكان أبرك عام وأيمن صلح ، فإنه أسلم فيه من الناس أكثر من جميع من أسلم من قبل ، وقرىء في عقد هذا الصلح ثلاثة أشياء :

أحدها : أن جماعة الصحابة كرهوه حتى قال عمر بن الخطاب لرسول الله ( ص ) : ‘ ألست رسول الله ؟ قال : بلى . قال : أولسنا بالمسلمين ؟ قال : بلى قال : أوليسوا بالمشركين ؟ قال : بلى قال : فعلام نعطي الدنية في ديننا ؟ قال : ‘ أنا عبد الله ورسوله ، ولن أخالف أمره ‘ فكان عمر يقول : ما زلت أصوم وأتصدق وأصلي وأعتق من الذي صنعت يومئذ مخافة كلامي .

والثاني : أنه لما كانت الصحيفة ابتدأت : بسم الله الرحمن الرحيم ، فقال سهيل بن عمرو نعرف الله ، وما نعرف الرحمن الرحيم ، فكتب سهيل باسمك اللهم على ما كانوا عليه في الجاهلية ، وكتب هذا ما اصطلح عليه محمد رسول الله ، فقال سهيل : لو علمنا أنك رسول الله ما نازعناك ، فقال لعلي : ‘ اكتب محمد بن عبد الله ‘ فقال : يا رسول الله ( ص ) لا أستطيع أن أمحو اسمك من النبوة ، فمحاه رسول الله ( ص ) بيده ، وقال لعلي : ‘ إنك ستسام إلى مثلها فتجيب ‘ ، فكان ما دعي إليه في التحكيم في محو اسمه من إمارة المؤمنين .

والثالث : أنه لما أمر أصحابه بالنحر والحلق ، توقفوا ، فدخل على أم سلمة وشكى ذلك إليها ، فقالت : ابتدئي أنت بالنحر والحلق ، فإنهم سيتبعونك ، ففعل ذلك وفعلوا .

( [ خروج رسل رسول الله إلى الملوك ] )

وفي هذه السنة وهي سنة ست بعث رسول الله ( ص ) رسله إلى الملوك يدعوهم إلى الإسلام ، فبعث عبد الله بن حذافة السهمي إلى كسرى ملك الفرس

وبعث دحية بن خليفة الكلبي إلى قيصر ملك الروم

وبعث عمرو بن أمية الضمري إلى النجاشي ملك الحبشة .

وبعث حاطب بن أبي بلتعة إلى المقوقس صاحب الإسكندرية ، وبعث شجاع بن وهب إلى الحارث بن أبي شمر الغساني .