پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص49

( فصل : [ غزوة الحديبية ] )

ثم غزا رسول الله ( ص ) غزوة الحديبية ، وذلك أن رسول الله ( ص ) دعا أصحابه إلى العمرة فتهيئوا واسرعوا ، فدخل بيته ، فاغتسل ، ولبس ثوبين ، وركب راحلته القصوى وخرج في يوم الاثنين هلال ذي القعدة في ألف وستمائة .

وقيل : ألف وأربعمائة ومعه زوجته أم سلمة ، وصلى الظهر بذي الحليفة وساق سبعين بدنة منها جمل أبي جهل الذي غنمه يوم بدر ، فحللها وأشعرها في الشق الأيمن وقلدها ، وهن موجهات إلى القبلة ، ثم أحرم بالعمرة ، ولبى وقدم أمامه عباد بن بشر في عشرين فارسا من المهاجرين والأنصار طليعة ، وبلغ قريشا مسيره فأجمعوا رأيهم على صده عن المسجد الحرام ، وعسكروا ببلدح ، وقدموا خالد بن الوليد في مائتي فارس إلى كراع الغميم ، فوقف عباد بن بشر في خيله بإزائه ، وحانت صلاة الظهر فصلاها بأصحابه في عسفان ، صلاة الأمن و حانت صلاة العصر ، وقربت خيل خالد بن الوليد ، فصلى العصر بأصحابه صلاة الخوف ، ثم صار إلى الحديبية حتى دنا منها وهي طرف الحرم على سبعة أميال من مكة ، فبركت ناقته القصواء فزجروها ، فأبت أن تنبعث فقالوا : خلأت ناقة رسول الله ( ص ) أي : رجعت ، فقال رسول الله ( ص ) : ‘ ما خلأت ولكن حبسها حابس الفيل ، أما والله لا يسألوني اليوم خطة فيها تعظيم حرمة لله إلا أعطيتم إياها ‘ ثم زجرها ، فقامت ، فولى راجعا عوده على بدئه حتى نزل بالناس على ثمد من ثماد الحديبية قليل الماء ، فانتزع منها من كنانته ، فأمر به ، فغرس فيها فجاشت لهم بالرواء حتى اغترفوا بآنيتهم جلوسا على شفير البئر ، ومطروا بالحديبية حتى كثرت المياه ، وجاءه بديل بن ورقاء في ركب من خزاعة ، وقال : قد جئناك من عند قومك وإنهم جمعوا لك من أطاعهم ، وأقسموا بالله أنهم لا يخلون بينك وبين البيت حتى تبيد ضفراءهم فقال رسول الله ( ص ) : ‘ ما جئنا لقتال وإنما جئنا للطواف بهذا البيت ، فمن صدنا عنه قاتلناه ‘ ولم يكن مع أصحابه سلاح إلا سيوف المسافرين في أغمادها ، فعاد بديل بن ورقاء إلى قريش ، فأخبرهم بذلك فبعثوا عروة بن مسعود