پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص48

( [ سرية كرز للعرنيين ] )

ثم بعث رسول الله ( ص ) إلى العرنيين سرية كرز بن جابر الفهري في شوال

وسببها : أن ثمانية نفر من عرينة قدموا على رسول الله ( ص ) فأسلموا واستوبئوا المدينة ، فأنفذهم إلى لقاحة بذي الجدر ناحية قباء على ستة أميال من المدينة ، فكانوا فيها يشربون من ألبانها حتى صحوا وسمنوا ، فغدوا على اللقاح ، فاستاقوها ، وأدركهم يسار مولى رسول الله ( ص ) في نفر معه فقاتلهم ، فقطعوا يديه ورجليه وغرسوا الشوك في لسانه وعينيه حتى مات ، فبلغ ذلك رسول الله ( ص ) ، فبعث في أثرهم عشرين فارسا مع كرز بن جابر الفهري : فأدركهم وربطهم وأردفهم على الخيل ، وقدم بهم على رسول الله ( ص ) وهو بالغابة ، فأمر بهم فقطعت أيديهم وأرجلهم وسملت أعينهم وصلبوا هناك فنزل على رسول الله ( ص ) ( إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا ) [ الآية المائدة : 33 ] ، فما سمل بعد ذلك عينا ، وكان اللقاح خمس عشرة لقحة ، فاستردت الألقحة واحدة نحروها .

( [ سرية عمرو وسلمة إلى أبي سفيان ] )

ثم بعث رسول الله ( ص ) سرية عمرو بن أمية الضمري ، وسلمة بن أسلم إلى أبي سفيان بن حرب بمكة .

وسببه أن أبا سفيان بن حرب قال لقريش : ألا رجل يغتال محمدا ؛ فإنه يمشي في الأسواق فأتاه أعرابي فضمن له ذلك ، فأعطاه راحلة ونفقة وبذل له جعلا ، فقدم المدينة بعد خامسة فعقل راحلته ، ودخل على رسول الله ( ص ) وهو في مسجد بني عبد الأشهل فلما رآه رسول الله ( ص ) قال : ‘ إن هذا ليريد غدرا ‘ فذهب الأعرابي ، ليجني عليه فجذبه أسيد بن حضير فوجد في إزاره خنجرا ، فقال : دمي دمي ، فسأله رسول الله ( ص ) عن حاله : وقال : اصدقني . قال : وأنا آمن ؟ قال : نعم ، فأخبره بأمره و ما جعل له أبو سفيان في قتله فخلاه فأسلم وبعث رسول الله ( ص ) عمرو بن أمية الضمري ، وكان من فتاك الجاهلية ، ومعه سلمة بن أسلم ؛ ليصادفا من أبي سفيان غرة ، فيقتلاه فقدما مكة وطاف عمرو بن أمية بالبيت فرآه معاوية بن أبي سفيان فعرفه فأنذر به ، وقال : ما قدم هذا لخير ، فطلب فهربا ؛ وقتل عمرو نفسين سمع أحدهما يتغنى ويقول :

( ولست بمسلم ما دمت حيا
ولست أدين دين المسلمينا )

فقتلهما عمرو ، ثم وجد في طريقه رسولين لقريش ، فقتل أحدهما ، وأسر الآخر ، وقدم به المدينة ، وجعل يخبر رسول الله ( ص ) بحاله ، وهو يضحك