پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص42

إلى سعد بن عبادة واستخلف على المدينة بأن أبدى أم مكتوم ، ودعا أبو سفيان بني قريظة إلى نقض عهدهم مع رسول الله ( ص ) فأجابوه بعد الامتناع ، فلما بلغه ذلك قال : ‘ حسبنا الله ونعم الوكيل ‘ ؛ لأنه خافهم على الذراري ، وكانوا من ورائهم ، ونزل فيه قول الله تعالى : ( إذ جاؤوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر ) [ الآية – الأحزاب : 10 ]

وكان المشركون يتناوبون القتال ، فيقاتل أبو سفيان في أصحابه يوما ، ويقاتل خالد بن الوليد يوما ، ويقاتل عمرو بن العاص يوما ويقاتل عكرمة بن أبي جهل يوما ويقاتل هبيرة بن أبي وهب يوما والخندق : حاجز ، والمسلمون يحفظون أقطاره ، فقال المشركون : هذه مكيدة ما كانت العرب تصنعها فأنى لهم هذا فقيل لهم : إن معهم رجلا فارسيا أشار به عليهم ، فاجتمعوا بأسرهم ، وقصدوا أضيق موضع في الخندق أغفله المسلمون فعبر منه عكرمة بن أبي جهل ، ونوفل بن عبد الله ، وضرار بن الخطاب ، وهبيرة بن أبي وهب ، وعمرو بن عبدود ، وطلب عمرو بن البزار وكان ابن تسعين سنة فبرز إليه علي بن أبي طالب فقتله ، وقتل الزبير بن العوام نوفل بن عبد الله بالسيف ، فقطعه اثنين ، وانهزم الباقون ، وقصد خالد بن الوليد الجهة التي فيها رسول الله ( ص ) فتشاغل بحربه حتى أخر صلاة الظهر ، والعصر ، والمغرب ، وعشاء الآخرة حتى انكفأوا راجعين متواعدين للغد ، فأمر بلالا فأذن وأقام للظهر ، وأقام لكل صلاة بعدها ولم يؤذن ، وقال : ‘ شغلونا عن الصلاة الوسطى ملأ الله قلوبهم ، وقبورهم نارا ‘

وصلاها جميع أصحابه ، فلما كان في الليل والمشركون على ترتيب قتالهم من الغد سعى بينهم نعيم بن مسعود ، وكان قد أسلم فخذل بعضهم من بعض حتى اختلفوا ودعا رسول الله ( ص ) في مسجد الأحزاب ثلاثة أيام يقول : ‘ اللهم منزل الكتاب سريع الحساب اهزم الأحزاب وزلزلهم ‘ فعصفت بهم الريح حتى زلزلتهم ، فانهزموا وتفرق جمعهم ، وقتل من المسلمين خمسة منهم : سعد بن معاذ رماه ابن العرقة بسهم في أكحله ، وكان رسول الله ( ص ) قد بذل لعيينة الثلث من ثمار المدينة ؛ ليرجع عن الأحزاب بمن معه من غطفان فامتنع ، أن يأخذ إلا الشطر ، فشاور رسول الله ( ص )