الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص35
وكان رسول الله ( ص ) قد رأى في تلك الليلة في منامه كأنه في درع حصينة ، وكان سيفه ذا الفقار ، قد انثلم وكان بقرا تذبح وكأنه مردف كبشا ، فأخبر بها أصحابه ، وتأولها أن الدرع الحصينة هي المدينة ، وأن انثلام سيفه هي مصيبة في نفسه ، وأن ذبح البقر هو قتل في أصحابه ، وأن إرداف الكبش هو كبش الكتيبة ، يقتله الله ، فصح تأويلها ، وكان الكبش قيل طلحة بن أبي طلحة صاحب لواء المشركين ، ثم أخوته بعده يأخذون اللواء فيقتلون وكان أبي بن خلف الجمحي برز إلى رسول الله ( ص ) على فرس له بأحد حلف أن يقتل عليها ، فقال رسول الله ( ص ) : ‘ أنا يقتله عليها إن شاء الله ، وبرز إليه فرماه بحربة كسر بها أحد أضلاعه بجرح كالخدش ، فاحتمل ، وهو يخور كالثور ، ويقول : والله لو تفل علي لقتلني ، ومات بسرف ، ثم برز أبو سفيان بعد انجلاء الحرب فنادى : أين محمد ؟ فلم يجبه أحد ، ثم قال : أين ابن أبي قحافة ، ؟ فلم يجبه أحد فقال : أين ابن الخطاب ؟ فلم يجبه أحد فقال : أين ابن أبي طالب ؟ فلم يجبه أحد . فقال : الآن قتل محمد . ولو كان حيا لأجبت فقال عمر : كذبت يا عدو الله هذا رسول الله ( ص ) يسمع كلامك فقال : أبو سفيان : ألا إن الأيام دول ، والحرب سجال ، يوم أحد بيوم بدر وحنظلة بحنظلة ، يعني حنظلة بن الراهب المقتول بأحد بحنظلة بن أبي سفيان المقتول ببدر ، فقال عمر : لا سواء قتلانا في الجنة ، وقتلاكم في النار ، فقال أبو سفيان أعل هبل ، فقال النبي ( ص ) لعمر قل له : الله أعلى وأجل ، فقال أبو سفيان : لنا عزى ، ولا عزى لكم ؛ فقال النبي ( ص ) لعمر : قل له : ‘ الله مولانا ، ولا مولى لكم ‘ .
فقال أبو سفيان : أما إنه قد كانت فيكم مثلة ما أمرت بها ، ولا نهيت عنها ، ولا سرتني ، ولا ساءتني ، ثم ولى ودخل رسول الله ( ص ) المدينة في آخر يومه ، وهو يوم السبت ، ولم يغسل قتلى أحد ، واختلف في صلاته عليهم ، وأمر بدفنهم في مصارعهم ، فدفنوا فيها إلا من سبق حمله ، ودفنه في المدينة ، ولما كان من الغد وهو يوم الأحد الثامن من شوال صلى رسول الله ( ص ) الصبح ، وأمر بلالا فنادى في الناس بالخروج لطلب عدوهم ، وأن لا يخرج معه إلا من شهد أحدا وسار ودفع لواءه إلى أبي بكر ، وقيل : إلى علي بن أبي طالب ، واستخلف على المدينة ابن أم مكتوم ، وسار وهو مكلوم إرهابا لقريش ، حتى بلغ حمراء الأسد ، وبها قريش يتآمرون في الرجوع إلى المدينة ، وصفوان بن أمية ينهاهم إلى أن ساروا إلى مكة ، وعاد رسول الله ( ص ) إلى المدينة يوم الجمعة بعد خمسة أيام لم يلق كيدا ، وسميت هذه السنة عام أحد ؛ لأنها أعظم وقائعها ، وكان فيها خمس غزوات ، وسرية واحدة
ثم دخلت سنة أربع فأسرى رسول الله ( ص ) في غزوة المحرم وأسرى أبا سلمة بن عبد الأسد المخزومي إلى ‘ قطن ‘ وهو جبل بناحية فيد في مائة وخمسين رجلا من