پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص28

خالصة لرسوله وفيها نزل قوله تعالى ( يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله ) [ الأنفال : 1 ] .

قال عبادة بن الصامت : فينا أصحاب بدر نزلت هذه الآية حين اختلفنا في النفل وساءت فيه أخلاقنا ، فنزعه الله منا ، وجعله لرسول الله ( ص ) فقسمه بين المسلمين على سواء ، ونفل بالنفل حتى خرج من مضيق ، ونزل على سير فقسمه بها ، وأنفل فيها سيفه ذا الفقار وكان لمنبه بن الحجاج ، وجمل أبي جهل ، وكان مهريا ، يغزو عليه ، وقتل بها من الأسرى النضر بن الحارث قتله علي بن أبي طالب ، ولما بلغ عرق الظبية ، أمر بقتل عقبة بن أبي معيط فقال : من للصبية يا محمد قال : النار ، فقتله عاصم بن ثابت بن أبي الافقلح ، وسار بالأسرى ، حتى وصل المدينة فخرج أهلها يهنئونه بقدومه ودخل من ثنية الوداع في يوم الأربعاء الثاني والعشرين من شهر رمضان فتلقاه الولائد بالدفوف وهن يقلن :

( طلع البدر علينا من ثنيات الوداع
وجب الشكر علينا ما دعا لله داع )

وقال لأصحابه : : ‘ استوصوا بالأسارى خيرا ‘ ثم استشار أصحابه فيهم ، فقال أبو بكر : يا رسول الله هم أهلك ، وعشيرتك ، فاستبقهم ، وخذ الفداء منهم قوة ، فلعل الله أن يهديهم فيكونوا عضدا ، وقال عمر يا رسول الله كذبوك وأخرجوك ، وهم قادتهم ، وصناديدهم قدمهم فاضرب أعناقهم حتى يعلم الله أن ليس في قلوبنا هوادة للكفار ، فسكت رسول الله ( ص ) ودخل فقال أناس يأخذ بقول أبي بكر ، وقال أناس يأخذ بقول عمر ، ثم خرج عليهم فقال : ‘ إن الله ليلين قلوب الرجال ، حتى تكون ألين من اللين ، وليشدد قلوب رجال ، حتى تكون أشد من الحجارة ، وإن مثلك يا أبا بكر مثل إبراهيم قال : ( فمن تبعني فإنه مني ، ومن عصاني فإنك غفور رحيم ) [ إبراهيم : 36 ] ومثلك مثل عيسى ، قال : ( إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم ) [ المائدة : 118 ] ومثلك يا عمر ، مثل نوح ، قال : ( رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا ) [ نوح : 26 ] ومثلك مثل موسى ، قال : ( ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم ) [ يونس : 88 ] ثم قال : أنتم اليوم عالة فخذوا الفداء ، ففودي كل أسير بأربعة آلاف درهم إلى ثلاثة آلاف ، إلى ألفين ، إلى ألف ، ومن لم يكن له مال ، وكان يحسن الكتابة لأن الخط كان في أهل مكة ، ولم يكن في أهل المدينة كان فداؤه أن يعلم عشرة من غلمان المدينة الخط وكان زيد بن ثابت فيمن علم ، ومن على من سواهم ، وفيهم أبو عزة الجمحي فشرط عليه أن لا يعود لحربه أبدا ، وكان في الأسرى العباس بن عبد المطلب فقال له رسول الله ( ص ) : ‘ افد نفسك وابني أخيك نوفلا وعقيلا فقال : إني مسلم وأخرجت كرها ، و لا