الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص27
الأوس أحد وستون رجلا والباقون من الخزرج ، وكانت أول غزوة غزا فيها الأنصار وكانت إبلهم سبعين بعيرا ، يتعقب الثلاثة على البعير ، وكان رسول الله ( ص ) وعلي بن أبي طالب ، وأبو لبابة ، على بعير وكانت الخيل فرسين : أحدهما للمقداد بن عمرو والآخر لمرثد بن أبي مرثد ، وكان صاحب راية رسول الله ( ص ) علي بن أبي طالب وصاحب راية الأنصار سعد بن عبادة وعرف أبو سفيان خروج رسول الله ( ص ) لأخذ العير فاستنفر قريشا لحماية العير فخرجت قبائل قريش كلها إلا بني عدي ، فلم يخرج أحد منهم ، وبنو زهرة حرضوا فلما نجت العير عادوا مع الأخنس بن شريق ، وكانوا مائة رجل ، فلم يشهد بدرا من هاتين القبيلتين أحد ، ولما فاتت العير ، وكان خروج رسول الله ( ص ) لأجلها ، لا للقتال ليقوي المسلمون بمالها على الجهاد ، ودعا رسول الله ( ص ) حين خرج بهم فقال : ‘ اللهم إنهم حفاة فاحملهم اللهم إنهم عراة ، فاكسهم ، اللهم إنهم جياع فأشبعهم ‘
فسمع الله دعوته ، فما رجع منهم رجل إلا بحمل ، أو حملين واكتسوا ، وشبعوا ولم يكن المسلمون قد تأهبوا للقاء العدو ، وعاد من كان عينا عليهم فأخبر بمن فيهم من أشراف قريش ، وكانوا تسعمائة وخمسين رجلا فيهم مائة فارس قال رسول الله ( ص ) لأصحابه : ‘ هذه مكة قد ألقت إليكم أفلاذ كبدها فماذا ترون ؟ فإن الله قد أراني مصارع القوم فقال له المقداد بن عمرو يا رسول الله امض لما أمرك الله فنحن معك ، والله لا نقول كما قال بنو إسرائيل لموسى ( اذهب أنت وربك فقاتلا أنا هاهنا قاعدون ) [ المائدة : 24 ] ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا ، إنا معكم مقاتلون فأعاد رسول الله ( ص ) الاستشارة فقال له سعد : يا رسول الله كأنك تريد الأنصار قال : أجل قال : قد آمنا بك فصدقناك ، وبايعناك ، على السمع والطاعة ، فامضي لم أردت فوالله لو استعرضت بنا البحر وخضته لخضناه فسر بنا على بركة الله ، فسار رسول الله ( ص ) حتى لقي قريشا ببدر فأظفره الله بهم ‘ وذلك في يوم الجمعة السابع عشر من شهر رمضان ، وقيل : في الثامن عشر ، فقتل منهم سبعون رجلا ، فيهم أشرافهم ، وأسر منهم سبعين رجلا ، وغنمت أموالهم ، وقتل من المسلمين ، أربعة عشر رجلا منهم من المهاجرين ومن الأنصار ثمانية ، وأحيزت الغنائم فاختلفوا فيها ، فجعلها الله تعالى