الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص20
بيت المقدس ، وكان أول من استقبل الكعبة ، وهو أول من أوصى بثلث ماله ، وواعدوا رسول الله ( ص ) العقبة في أوسط أيام التشريق فيأتوا تلك الليلة في رحالهم ، ثم خرجوا منها بعد ثلاث ليال ، لموعد رسول الله ( ص ) فحضروا شعب العقبة ووافى رسول الله ( ص ) ومعه عمه العباس بن عبد المطلب ، وأبو بكر وعلي فأوقف العباس على فم الشعب عينا له ، وأوقف أبا بكر على فم الطريق الآخر عينا له ، وتلا عليهم رسول الله ( ص ) القرآن وأخذ عليهم الإسلام فأسلموا جميعا ، وقد كان فيهم من لم يكن قد أسلم ثم قال للعباس وهو على دين قومه : ‘ خذ عليهم العهد ‘ وكانوا أخواله ، لأن أم عبد المطلب كانت سلمى بنت عمرو من بني النجار من الخزرج فقال العباس : يا معشر الخزرج إن محمدا منا في عز من قومه ، ومنعة في بلده وقد أبى إلا الانقطاع إليكم ، واللحوق بكم ، فإن منعتموه مما تمنعوا منه أنفسكم ، وإلا فدعوه بين قومه ، وفي بلده ، فقال البراء بن معرور بل نمنعه مما نمنع منه أنفسنا وأبناءنا ، فقال أبو الهيثم بن التيهان : يا رسول الله إن بيننا وبين الناس حبالا يعني اليهود وإنا قاطعوها فهل عسيت إن نحن فعلنا ذلك ، ثم أظهرك الله أن ترجع إلى قومك وتدعنا ؟ فتبسم رسول الله ( ص ) ثم قال : ‘ بل الدم الدم ، والهدم الهدم أنتم مني ، وأنا منكم أحارب من حاربتم وأسالم من سالمتم ‘
فأقبل أبو الهيثم بن التيهان على الأنصار ، وقال : يا قوم هذا رسول الله ( ص ) حقا وأشهد بالله إنه لصادق و إنه اليوم لفي حرم الله ، وبين عشيرته واعلموا أنكم إن تخرجوه إليكم ترميكم العرب عن قوس واحدة ، فإن كانت أنفسكم قد طابت بالقتال وذهاب الأموال ، والأولاد فادعوه وإلا فمن الآن فقالوا : يا رسول الله اشترط علينا لربك ، ولنفسك ما تريد : فقال : ‘ أشترط لربي أن تعبدوه ، ولا تشركوا به شيئا وأشترط لنفسي أن تمنعوني عما تمنعون منه أنفسكم ، وأموالكم ‘ فأجابوه وأحسنوا فقال عبد الله بن رواحة يا رسول الله قد أشترطت لربك ، ولنفسك ، فماذا لنا إذا أوفينا لله ورسوله ، فقال النبي ( ص ) ‘ لكم على الله الوفاء بالجنة ‘ فقال ابن رواحة قد قبلنا من الله ما أعطانا ، ثم قال رسول الله ( ص ) ‘ اختاروا منكم اثني عشر نقيبا كما اختار موسى من قومه ، وقال للنقباء : أنتم على قومكم بما فيهم كفلاء ، ككفالة الحواريين ، يعني ابن مريم ‘ قالوا نعم : فبايعوه على هذا وكان أصغر من حضر سنا أبو مسعود البدري وجابر بن عبد الله .
واختلفوا في أول من بايعه ، فقال قوم : أبو الهيثم بن التيهان
وقال آخرون : البراء بن معرور