پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص6

الإسلام ‘ لا يرفع إلي نكاح نشوان إلا أجزته ثم إن خديجة كفت رسول الله ( ص ) أمور دنياه ، فكان ذلك من أسباب اللطف ، وولدت له جميع أولاده إلا ‘ إبراهيم ‘ فكان له منها من البنين ‘ القاسم ‘ وبه كان يكنى ، والظاهر ، والطيب ، ومن البنات ‘ زينب ‘ و ‘ رقية ‘ و ‘ أم كلثوم ‘ و ‘ فاطمة ‘ ، فمات البنون قبل النبوة ، وعاش البنات بعدها ، ثم إن قريشا تشاورت في هدم الكعبة ، وبنائها ، لقصر سمكها وكان فوق القامة ، وسعة حيطانها وأرادوا تعليتها وخافوا من الإقدام على هدمها وكان يظهر فيها حية يخاف الناس منها ، فعلت ذات يوم على جدار الكعبة ؛ فسقط طائر فاختطفها فقالت قريش : إنا لنرجوا أن يكون الله قد رضي ما أردنا وكان البحر قد ألقى سفينة على ساحل ‘ جدة ‘ لرجل من تجار الروم ، فهدموا الكعبة ، وبنوها وأسقفوها بخشب السفينة ، وذلك بعد عام الفجار بخمس عشرة سنة ، ورسول الله ( ص ) ابن خمس وثلاثين سنة ، فلما أرادوا وضع الحجر في الركن ، تنازعت فيه قبائل قريش وطلبت كل قبيلة أن تتولى وضعه فقال أبو أمية بن المغيرة : وكان أسن قريش كلها حين خاف أن يقتتلوا عليه يا معشر قريش تقاضوا إلى أول من يدخل من باب هذا المسجد فكان أول داخل عليهم رسول الله ( ص ) فقالوا : هذا ‘ محمد ‘ وهو الأمين وكان يسمى قبل النبوة ‘ الأمين ‘ لأمانته وعفته ، وصدقه ، وقالوا : قد رضينا به ، فلما وصل إليهم أخبروه فقال : ائتوني ثوبا فأتوه بثوب فأخذ الحجر ووضعه فيه بيده ، وقال : لتأخذ كل قبيلة بناحية من الثوب وارفعوه جميعا ففعلوا فلما بلغ الحجر إلى موضعه وضعه فيه بيده ، فكان هذا الفعل منهم ووقوع الاختيار عليه من بينهم من الأمارات ما يحدده الله تعالى به من دينه وشواهد ما يؤتيه من نبوته

( فصل )

: ثم لما تقارب زمان نبوته انتشر في الأمم أن الله سيبعث نبيا في هذا الزمان ، أن ظهوره قد آن فكانت كل أمة لها كتاب تعرف ذلك من كتابها ، وكل أمة لا كتاب لها ترى من الآيات المنذرة ما تستدل عليه بعقولها . فحكي أنه كان لقريش عيد في الجاهلية ينفرد فيه النساء عن الرجال فاجتمعن فيه فوقف عليهن يهودي وفيهن ‘ خديجة ‘ فقال لهن : يا معشر نساء قريش يوشك أن يبعث فيكن نبي ، فأيتكن استطاعت أن تكون له أرضا فلتفعل . فوقر ذلك في نفس خديجة .

وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال : كنت عند وثن من أوثان الجاهلية في نفر من قريش ، وقد ذبح له رجل من العرب عجلا ، ونحن ننظر إليه ليقسم لنا منه إذ سمعت من جوف العجل صوتا ، ما سمعت صوتا قط أنفذ منه ، وذلك قبل الإسلام بشهر ، وشيعه ، يقول : يا آل ذريح ، أمر نجيح ؛ ورجل يصيح ، يقول : لا إله إلا الله