الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص5
فكان ذلك من مبادئ إمارات النبوة ، في نفسه ، ثم مات أبوه عبد الله وأمه حامل به فكفله جده عبد المطلب ، فكان يرى من شأنه ما يسره ، ومات بعد ثماني سنين من ولادته ، فوصى به إلى عمه أبي طالب ؛ لأنه كان أخا عبد الله لأمه ، فخرج به أبو طالب إلى الشام بتجارة له ، وهو ابن تسع سنين ؛ فنزل تحت صومعة بالشام عند بصرى وكان في الصومعة راهب يقال له ‘ بحيرا ‘ قد قرأ كتب أهل الكتاب ، وعرف ما فيها من الأنباء والإمارات ، فرأى بحيرا من صومعته غمامة قد أظلت رسول الله ( ص ) من الشمس فنزل إليه وجعل يتفقد جسده ، حتى رأى خاتم النبوة بين كتفيه ، وسأله عن حاله في منامه ، ويقظته فأخبره ، بها ، فوافقت ما عنده في الكتب وسأل أبا طالب عنه فقال : ابني فقال : كلا ، قال ابن أخي : مات أبوه ، وهو حمل قال : صدقت ، وعمل لهم ، ولمن معهم من مشيخة قريش طعاما لم يكن يعمله لهم من قبل ، وقال : احفظوا هذا من اليهود والنصارى ، فإنه سيد العالمين ، وسيبعث إلينا وإليهم أجمعين ، فإن عرفوه معكم قتلوه فقالوا كيف عرفت هذا قال بالسحابة التي أظلته ، ورأيت خاتم النبوة أسفل من غضروف كتفه ، مثل التفاحة على النعت المذكور ، فكانت هذه أول بشرى نبوته ، وهو لصغره غير داع إليها ولا متأهب لها
وقيل مولاة مولدة [ من مولدات مكة ] وخافت امتناع أبيها عليه ؛ لفقره ، فعقرت له ذبيحة وألبسته حبرة ، بطيب وعقير ، وعقير وسقته خمرا ، حتى سكر ، وحضر رسول الله ( ص ) ومعه عمه حمزة بن عبد المطلب ، واختلف في حضور أبي طالب معه وخطبها من أبيها فأجابه ، وزوجه بها ، وهو ابن خمس وعشرين سنة ، وخديجة ابنة أربعين سنة ، ودخل بها من ليلته فلما أصبح خويلد وصحا ، رأى آثار ما عليه فقال : ما هذا العقير ، والعبير ، والحبير ؟ قيل له : زوجت خديجة بمحمد قال : ما فعلت : قيل له قبح بك هذا وقد دخل بها ، فرضي ، ولأجل قال رسول الله ( ص ) بعد ظهور