پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص3

بسم الله الرحمن الرحيم

( كتاب السير من خمسة كتب : الجزية ، والحكم في أهل الكتاب ، وإملاء على كتاب الواقدي وإملاء على غزوة بدر ، و إملاء على كتاب اختلاف أبي حنيفة والأوزاعي )

قال الماوردي : إن الله تعالى اختار لرسالته ، واصطفى لنبوته محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان فبعثه على فترة من الرسل ، حين وهت الأديان ، وعبدت الأوثان ، وغلب الباطل على الحق ، وعم الفساد في الخلق ؛ ليختم به رسله ، ويوضح به سبله ، ويستكمل به دينه ، ويحسم به من الفساد ، ما عم ، ومن الباطل ما تم ، فاختاره من بيت اشتهر فيهم مبادئ طاعته ، وقواعد عبادته ، بالبيت الذي جعله مثابة للناس وأمنا ، والحج الذي جعله في أصول الدين ركنا ، ليكونوا مستأنسين بتدين سهل تسهل به إجابتهم ، ولا يكونوا من أهل ملك قد استحكم معتقدهم ، فتصعب إجابتهم لطفا ، تسهل به المبادئ ، وأحكم به العواقب ، فكان من أوائل التأسيس لنبوته أن كثر الله قريشا بعد القلة ، وأعزهم بعد الذلة ، وجعلهم ديانين العرب ، وولاة الحرم ، فكان أول من هجس في نفسه بظهور النبوة منهم ‘ كعب بن لؤي بن غالب ‘ فكان يجمع الناس في كل جمعة ، وهو سماه لجمع الناس فيه يوم الجمعة ، وكان يسمى عروبة ، وكان يخطب فيه على قريش ، ويقول بعد خطبته حرمكم عظموه ، وتمسكوا به ، فسيأتي له بناء عظيم ، وسيخرج به نبي كريم ، والله لو كنت فيه ذا سمع ، وبصر ، ويد ، ورجل ، لتنصبت تنصب الجمل ، ول رقلت إرقال الفحل ، ثم يقول :

( يا ليتني شاهد فحواء دعوته
إذا قريش تبقي الحق خذلانا )

وهذا من فطر الإلهام ، ومخائل العقول .

ثم انتقلت الرئاسة بعده إلى ‘ قصي بن كلاب ‘ فجدد بناء الكعبة ، وهو أول من بناها بعد إبراهيم ، وإسماعيل ، وبن دار الندوة للتحاكم ، والتشاجر ، والتشاور ، وعقد الألوية ، وهي أول دار بنيت بمكة ، وكانوا يخيمون في جبالها ثم بنى القوم دورهم بها