الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص471
استدلالا برواية الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أن رسول الله ( ص ) قال : ‘ الرجل جبار ) ولأنه إذا كان راكباً ، أو قائدا لم يمكنه أن يحفظ منها إلا رأسها ويدها فضمن ما تلف بهما ، ولا يمكنه أن يحفظ منها رجلها ، وذنبها ، فلم يضمن ما تلف بهما ، ويمكن السائق حفظ جميعه ، فضمن ما تلف بجميعه ، ودليلنا هو أنها بهيمة معها صاحبها ، فوجب أن يكون ضامناً لجنايتها كالسائق ؛ ولأنها جناية يضمنها سائقها فوجب أن يضمنها راكبها ، وقائدها ، كالجناية برأسها ويده .
فأما الجواب عن قوله : ‘ الرجل جبار ) فمن وجهين :
أحدهما : أنه ضعيف عنه أصحاب الحديث قد أنكره الدارقطني ، وغيره ،
والثاني : أن يحمل قوله : ‘ الرجل جبار ) على معنى ‘ ذي الرجل جبار ) كما قال ( ص ) : ‘ لا سبق إلا في نصل ، أو خف ، أو حافر ) معناه في ذي خف ، وذي حافر ، ويكون موافقا لقوله : ‘ العجماء جرحها جبار ) وهو إذا لم يكن معها صاحبها .
وأما الجواب عن قولهم : إن راكبها وقائدها لا يقدر على حفظ يدها وذنبها فمن وجهين :
أحدهما : أن راكبها وقائدها أضبط بها وأقدر على تصرفها باختيار من سائقها ؛ فكان أولى بالضمان منه .
والثاني : أن رأسها ويدها في حق سائقها كرجلها وذنبها في حق قائدها ، فاقتضى أن يكونا في الحكم سواء .
أحدهما : أن يكون قد ارسلها صاحبها باختياره ، أو فرط في ربطها وحفظها فاسترسلت فيكون ضامنا لما أتلفت ، وإن لم يكن معها ، لأن ما حدث بتفريطه مضمون عليه .
والضرب الثاني : أن يقصر صاحبها بعد ربطها وضبطها ، ويسترسل فتتلف مالاً ، أو إنساناً ففي وجوب الضمان وجهان :
أحدهما : وهو الأصح أن لا ضمان لقول النبي ( ص ) : ‘ جرح العجماء جبار ) ، ولأنه غير مفرط في الحفظ فكان كرعي المواشي بالنهار .