الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص469
بالليل ، دون النهار ، فلذلك صار رعي النهار هدراً لوجوب الحفظ فيه على أرباب الزروع ، ورعي الليل مضموناً بالوجوب ، للحفظ فيه على أرباب المواشي .
والدليل من القياس على من سوى بين الليل والنهار ، في وجوب الضمان أن النهار زمان لا ينسب أرباب المواشي فيه إلى التفريط فوجب أن يسقط عنهم ضمان ما أفسدته قياساً على غير الزروع .
والدليل على من سوى بين الليل ، والنهار ، في سقوط الضمان ، أن الليل زمان ، ينسب أرباب المواشي فيه إلى التفريط ؛ فوجب أن يلزمهم الضمان ما أفسدت قياساً على غير الزروع .
والدليل من القياس على الفريقين أنها بهائم أفسدت مالاً فوجب أن يكون الضمان معتبراً بجهة التفريط قياساً على غير الزروع من سائر الأموال .
فأما جواب من أسقط الضمان لقوله ‘ العجماء جبار ) فمن وجهين :
أحدهما : أن الرواية ‘ جرح العجماء ) ، والجرح لا يكون في رعي الزروع .
والثاني : أنه محمول على رعي النهار .
والجواب عن قياسهم على رعي النهار فالمعنى في النهار عدم التفريط ، وفي الليل وجود التفريط ، فافترقا ، وأما جواب من أوجب الضمان لقوله : ‘ لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه ) فهو أنه ليس استعماله في حفظ أموال أرباب الزروع بأولى من استعماله في حفظ أموال أرباب المواشي فسقط الاستدلال به لتكافؤ الأمرين فيه .
وأما الجواب عن قياسهم على رعي الليل ، فالمعنى في الليل وجود التفريط وفي النهار عدمه .
أحدهما : يجب ؛ لأنه لم يكن من أرباب الزروع تقصير في الحفظ .
والثاني : لا يجب ؛ لأنه لم يكن من أرباب المواشي ؛ تفريط في الحفظ .
وعلى هذا لو أحرز أرباب المواشي مواشيهم في الليل ، فغلبتهم ، ونفرت فرعت في الليل زرعاً ، ففي وجوب الضمان وجهان حكاهما ابن أبي هريرة :
أحدهما : لا يجب ؛ لأنه لم يكن من أرباب المواشي تفريط .
والثاني : يجب ؛ لأنه لم يكن من أرباب الزروع تقصير .