الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص466
قال الماوردي : هذا الباب مقصور على جنايات البهائم المضمونة على أربابها بعد ما تقدم من جنايات الآدميين المضمونة عليهم وهي ضربان :
أحدهما : أن تكون سارحة في مراعيها ، وهي مسألة الكتاب ، فتعدل من مراعيها إلى زروع ترعاها ، وأشجار تفسدها ، أو تفسد ثمرها ، فهذا على ضربين :
أحدهما : أن يكون معها أربابها فيضمنوا ما افسدته ليلاً ونهاراً ؛ لأن فعل البهيمة إذا كانت مع صاحبها منسوب إليه ، وإذا لم يكن معها منصوب إليها ، كالكلب إذا أرسله صاحبه أكل ما صاده ، وإذا استرسل بنفسه لم يؤكل .
والضرب الثاني : أن تنفرد البهائم عن أربابها ، ولا يكونوا معها فهذا على ضربين : أحدهما : أن ينسب أربابها إلى التفريط لإرسالهم لها فيما لا يستبيحون رعيه ، أو فيما يضيق عن كفاياتهم ، كحريم الأنهار وطرق الضباع فعليهم ضمان ما أفسدته ليلاً ونهاراً ؛ لأن التفريط عدوان يوجب الضمان .
والضرب الثاني : أن لا ينسب أربابها إلى التفريط لإرسالهم لها نهارا في موات يتسع لها وحبسها ليلا في مراحها ، وعطنها فذهب الشافعي أنه لا ضمان عليهم في مارعته نهاراً ، وعليهم ضمان ما رعته ليلاً ، وفرق بين رعي الليل والنهار بالسنة والاعتبار .