الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص463
التطلع على دار لا ساكن فيها لم يجز أن يرمي المتطلع سواء كان فيها متاع ، أو لم يكن لارتفاع العورة . فإن رمي المتطلع ضمنه راميه وهكذا الأعمى لا يجوز أن يرمي إذا تطلع على المنازل المسكونة ، لأنه لا ينهتك بتطلعه عورة فإن رمي ضمنه الرامي .
والقسم الثالث : أن يكون المتطلع من ذوي المحارم الذين يجري بينهم القصاص في الجناية ، والحد في القذف ، كالأبناء ، والبنات ، والإخوة ، والأخوات ، والأعمام ، والعمات ، والأخوال ، والخالات ، ففي جواز رميهم وفقء أعينهم وجهان :
أحدهما : وهو الظاهر من قول أبي حامد الإسفراييني : له رميهم كالأجانب لجريان القصاص ، والحدود ، بينهم .
روى صفوان عن عطاء بن يسار أن رجلاً قال للنبي ( ص ) ‘ استأذن على أمي ؟ قال : نعم ، قال إني أخدمها ، قال : استأذن عليها ، فعاوده ثلاثاً فقال : أتحب أن تراها عريانة قال لا ، قال فاستأذن عليها ) .
والوجه الثاني : وهو قول أبي علي بن أبي هريرة ليس له رميهم ، ويضمن إن رماهم كالآباء لقول الله تعالى : ( ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو أبائهن أو آباء بعولتهن ) [ النور : 31 ] الآية فشرك بين جميعهم في إباحة النظر إلى الزينة الباطنة ؛ لأن الزينة الظاهرة لا تحرم على الأجانب فسوى بين الزوج وبين ذوي المحارم فيها وإن خالفهم في التلذذ بها دونهم .
قال الماوردي : اعلم أن المساكن حمى ساكنيها سواء ملكوها ، أو استأجروها ولهم منع غيرهم من دخولها إلا بإذنهم لأمرين :
أحدهما : لاختصاصهم بالتصرف فيها .
والثاني : لأنها ساترة لعوراتهم ولحرمهم .
فإن أراد أن يدخلها أجنبي ، أو مناسب ، ليس بذي محرم ، لم يجز إلا بإذن صريح ، سواء كان الباب مغلقاً ، أو مفتوحاً ؛ لقول الله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ) [ النور : 27 ] وقرأ ابن