پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص454

المطلوب يصل إليه إذا أراده ، فأما أن كان عاجزاً عنه فليس للمطلوب أن يدفع ؛ لأنه لا تأثير للطلب والعجز يكون من وجهين :

أحدهما : خوف السلطان من المجاهرة بالطلب فيستخفي توقعاً لاختلاسه فليس للمطلوب الدفع ، ويكله إلى السلطان فيما يخافه من اختلاسه .

والثاني : أن يعجز عنه لامتناعه منه بحصن يأوي إليه أو جبل يرقاه أو عشيرة ينضم إليها فليس له الدفع ؛ لأنه مدفوع عنه ، فإن كان بينهما نهر مانع نظر فيه ، فإن كان واسعاً لاتصل إليه سهامه إلا بالعبور إليه كدجلة والفرات لم يتعرض لدفعه ما لم يعبر إليه إذا لم يقدر المطلوب أن يبعد عن سهام الطالب ، فإن قدر على البعد منها من غير مشقة كف عنه وبعد منه .

( فصل )

والحكم الثاني : في الذي يجوز أن يدفعه عنه ، وهو أن يدفعه إذا أراد نفسه أو ولده أو زوجته لقتل أو فاحشة أو أذى أو أراد ماله أو حريمه أو ما هو أحق به منه ، فيكون حكم دفعه عن غيره من أهله وذريته كحكم دفعه عن نفسه ، وحكم دفعه عن المال والحريم كحكم دفعه عن النفوس ؛ لرواية سعيد بن زيد أن النبي ( ص ) قال : ‘ من قتل دون ماله فهو شهيد ) .

والشهيد : من كان له القتال وقال ( ص ) : ‘ ألا إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا ) فجمع بين الدم والمال والعرض ، فدل على اشتراكهم في حكم الدفع ، فإن كان الطالب يقصده بالقذف والسب ولا يتعداه إلى نفس ولا مال فليس له دفعه بجرح ولا ضرب ، ولا مقاتلته عليه بقذف ولا سب ؛ لأنه مدفوع عن القذف بالحد ، وعن السب بالتعزير ، وكلاهما مما يقوم السلطان بهما ، فإن بعدا عن السلطان في بادية نائية فقدر على استيفاء الحد والتعزير بنفسه من غير مجاوزة فيه جاز ، لأنه حق له فصار كالدين الذي يجوز له أن يتوصل إلى أخذه إذا منع منه .

( فصل )

والحكم الثالث في صفة الدفع وهو معتبر بأقل ما يندفع به وأقله الكلام ، فإن كان يندفع بالكلام بالنهي والوعيد ولم يتجاوزه إلى ضرب ولا جراح ، فإن تجاوزه كان مأخوذاً به وإن لم يندفع بالكلام ، فإن له أن يتجاوزه إلى الضرب دون الجراح ، ويعتبر من عدد الضرب وصفته قدر ما يندفع به ، فإن تجاوزه إلى زيادة أو الجراح