الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص449
الصحة ، أنه لما لم يؤثر الإكراه في إيمانه وهو أصل ، فأولى أن لا يؤثر في نكاحه وهو فرع ، فأما إذا أظهر المسلم كلمة الكفر ولم يعلم إكراهه عليها ولا اعتقاده لها فإن كان في دار الإسلام حكم بكفره وردته ؛ لأن دار الإسلام لا إكراه فيها ، وإن كان في دار الحرب روعيت حاله ، فإن تلفظ بها وهو على صفة الإكراه في قيد أو حبس فالظاهر من حاله أنه تلفظ بكلمة الكفر مكرها ، فلا يحكم بردته إلا أن يعلم اعتقاده للكفر وإن كان على صفة الاختيار مخلى السبيل فالظاهر من حاله أنه تلفظ بكلمة الكفر مختاراً فيحكم بردته إلا أن يعلم أنه قالها مكرهاً .
أحدهما : أن يكون على الإسلام لغير استحقاق وذلك فيمن يجوز إقراره على كفره من أهل الذمة وأصحاب العهد ، فلا يصير بالإكراه مسلماً لما تضمنه من التعدي به .
والضرب الثاني : أن يكون الإكراه عليه باستحقاق كإكراه المرتد وإكراه من جاز قتله من أسرى أهل الحرب فيصير بالإكراه مسلماً لخروجه عن التعدي .
ومثاله الإكراه على الطلاق وإن كان بغير استحقاق لم يقع الطلاق ، وإن كان باستحقاق في المولى وقع الطلاق ، والله أعلم .
وقال إسحاق بن راهويه : لا أقبل توبته في الثالثة لقول الله تعالى : ( إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادو كفراً لم يكن الله ليغفر لهم ) [ النساء : 137 ] وقوله : ( ثم أزدادوا كفراً ) [ النساء : 137 ] يريد به الكفر الثالث .
ودليلنا قوله تعالى ( قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف ) [ الأنفال : 38 ] فكان على عمومه .
وقول النبي ( ص ) : ‘ الإسلام يجب ما قبله ) ولأنه مأمور بالإسلام وإن تكرر منه الكفر فوجب أن يقبل منه ما أقر به كقبوله من غيره ، فأما الآية فهي فيمن أراد كفراً ولم يحدث إيماناً فلم يكن فيها دليل ، فإذا ثبت أن إسلامه مقبول وإن تكررت ردته فإنه يعزر بعد الردة الثانية وما يليها من كل ردة ولا يحبس .