الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص448
أحدهما : لا قود عليه ؛ لأن تقدم الردة شبهة في سقوط القود فأشبه الحربي إذا أسلم وقتله من لم يعلم بإسلامه سقط عنه القود وضمنه بالدية كذلك إسلام المرتد .
والقول الثاني : وهو أصح ؛ أنه يجب عليه القود ؛ لأن نفسه في الطرفين محظورة وإباحتها مخصوصة فاقتضى عموم الحظر وجوب القود ، ولا يسقط بخصوص الإباحة ، وبذلك خالف حكم الحربي الذي هو على عموم الإباحة .
والوجه الثاني : أن اختلاف نصه محمول على اختلاف حالين ، ومن قال بهذا اختلفوا فيها على وجهين :
أحدهما : وهو قول أبي علي بن أبي هريرة : أن الموضع الذي أسقط فيه القود إذا كانت آثار الردة عليه باقية من قيد أو حبس والموضع الذي أوجب فيه القود إذا زالت عنه آثار الردة فلم يبق فيه قيد ولا حبس ولا اعتبار بشاهد حاله .
والوجه الثاني : وهو الصحيح عندي : أن الموضع الذي أسقط فيه القود إذا كان في منعة والموضع الذي أوجب فيه القود إذا لم يكن في منعة ؛ لأنه ممنوع من قتل غير الممتنع وغير ممنوع من قتل الممتنع فأجرى على كل واحد منهما حكم ما تقدم من تمكين ومنع .
أحدهما : يسقط القود بالشبهة وتكمل الدية حالة .
والوجه الثاني : يجب القود لمصادفة القتل المحظور شروط القود .
والدليل على بقائه على إسلامه قول الله تعالى : ( من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرا ) [ النحل : 106 ] الآية وفي الآية تقديم وتأخير فترتيبها : من كفر بالله من بعد إيمانه وشرح بالكفر صدره فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ، فاستثناء المكره على الكفر من جملة من حكم عليه بالكفر فاقتضى أن يكون على إيمانه .
وقيل : إن هذه الآية نزلت في عمار بن ياسر حين أكرهته قريش بمكة مع أبويه على الكفر ، فامتنع أبواه فقتلا ، وأجاب إليه عمار فأطلق والدليل على بقاء نكاحه على