الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص447
ثم أسلم فلم يؤخذ بدم واحد منهما ، ولأنه إسلام عن كفر فوجب أن يمنع ضمان ما استهلك في الكفر كأهل الحرب ، ولأن في تضمينهم ما استهلكوه تنفيراً لهم عن الإسلام وهم مرغبون فيه فوجب أن لا يؤخذوا بما يمنعهم من الدخول فيه ، وإذا قيل بوجوب الضمان عليهم وهو الصحيح المنصوص عليه في أكثر الكتب فوجهه قول أبي بكر رضي الله عنه لأهل الردة : تدون قتلاناً ولا ندي قتلاكم .
فإن قيل : فقد عارضه عمر فقال : لا نأخذ لقتلانا دية قيل : يحتمل أن يكون عمر رضي الله عنه قال ذلك تفضلاً عليهم كعفو الأولياء فلم يكن فيه مخالفاً لحكم أبي بكر .
فإن قيل : فقد عمل بقوله لأنه لم يقتص منهم ولم يغرمهم .
قيل : القصاص والغرم حق لغيره ولم يأته مطالب بحقه منه فمنعه فلم يكن في الشرك إسقاط للوجوب ، ومن الاعتبار أن كل من ضمن ما أتلفه إذا لم يكن في منعه ضمن وإن كان في منعه كالمسلم طرداً والحربي عكساً ، ولأن الردة إن لم تزده شراً لم تفده خيراً وهو يضمن قبل الردة فكان ضمانه بعدها أولى .
قال الماوردي : أما المرتد إذا كان غير ممتنع فليس لأحد أن يقتله إلا الإمام ؛ لأن قتله حد فأشبه سائر الحدود التي تختص الأئمة بإقامتها ، وإن كان المرتد محاربا في منعة جاز أن يقتله كل من قدر عليه ولم يختص الإمام بقتله كما يجوز قتل أهل الحرب .
فإذا قتل مسلم مرتداً فادعى وليه أنه قد كان أسلم وأنكر القاتل إسلامه فإن لم يكن لوليه بينة على إسلامه فالقول قول القاتل في بقاء ردته ، ولا ضمان عليه في قتله ، سواء كان في منعة أو غير منعة ، فإن أقام وليه البينة على إسلامه فإن علم القاتل بإسلامه وجب عليه القود ، وإن لم يعلم بإسلامه قال الشافعي ها هنا ؛ وفي كتاب ‘ الأم ) أن عليه القود ، وقال في بعض كتبه : لا قود عليه ، فاختلف أصحابنا في اختلاف ذلك على وجهين :
أحدهما : أن اختلاف نصه موجب لاختلاف قوله فيكون وجوب القود على قولين :