الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص446
عليهم كالحكم على المسلمين لا يختلف في القود والعقل وضمان ما يصيبون ( قال المزني ) هذا خلاف قوله في باب قتال أهل البغي ( قال الشافعي ) فإن قيل فما صنع أبو بكر في أهل الردة ؟ قيل قال لقوم جاؤوه تائبين تدون قتلانا ولا ندي قتلاكم فقال عمر لا نأخذ لقتلانا دية فإن قيل فما قوله تدون ؟ قيل إن كانوا يصيبون غير متعمدين ودوا وإذا ضمنوا الدية في قتل غير عمد كان عليهم القصاص في قتلهم متعمدين وهذا خلاف حكم أهل الحرب عند أبي بكر الصديق رضي الله عنه فإن قيل فلا نعلم منهم أحداً أقيد بأحد قيل ولا يثبت عليه قتل أحد بشهادة ولو ثبت لم نعلم حاكماً أبطل لولي دما طلبه والردة لا تدفع عنهم قوداً ولا عقلا ولا تزيدهم خيراً إن لم تزدهم شراً ( قال المزني ) هذا عندي أقيس من قوله في كتاب قتال أهل البغي يطرح ذلك كله لأن حكم أهل الردة أن نردهم إلى حكم الإسلام ولا يرقون ولا يغنمون كأهل الحرب فكذلك يقاد منهم ويضمنون ) .
قال الماوردي : أما ما أتلفه المرتدون وأهل البغي على المسلمين من دم ومال وهم في غير منعة فمضمون عليهم بالقود في الدماء والغرم في ألاموال ، وما أتلفوه وهم في منعة والمنعة أن لا يقدر الإمام عليه حتى يستعد لقتالهم ففي ضمانه على أهل البغي قولان مضيا في قتال أهل البغي .
فأما ضمانه على أهل الردة فقد أختلف أصحابنا فيه على وجهين :
أحدهما : وهو قول أبي علي بن أبي هريرة ، وأبي حامد الاسفراييني ، وأكثر البغداديين أن في وجوب ضمانه عليهم قولين كأهل البغي سواء .
والوجه الثاني : وهو قول أبي حامد المروزي ، وأبي القاسم الصيمري ، وأكثر البصريين أنه مضمون عليه قولاً واحداً وهو مذهب أبي حنيفة واختيار المزني . وإن كان ضمان أهل البغي على قولين الفرق بينهما من وجهين :
أحدهما : أن لأهل البغي تأويلاً محتملاً ، وليس لأهل الردة تأويلاً محتمل .
والثاني : أن لأهل البغي إماماً تنفذ أحكامه وليس لأهل الردة إمام تنفذ أحكامه .
فإن قيل : بسقوط ضمانه عنهم وهو محكي عن الشافعي في سير الأوزاعي فوجهه قول أبي بكر الصديق رضي الله عنه لأهل الردة : تدون قتلاناً ولا ندي قتلاكم فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : لا نأخذ لقتلانا دية ، فسكت أبو بكر رضا بقوله ورجوعاً إليه ؛ لأنه عمل عليه ، ولأن طليحة قتل في ردته عكاشة بن محصن وثابت بن أقرم وفيهما يقول طليحة الأسدي حين قتلهما :