الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص445
ولد في دار الإسلام ؛ لأن حكم الدار جار على أهلها لقول النبي ( ص ) : ‘ منعت دار الإسلام ما فيها وأباحت دار الشرك ما فيها ) ودليلنا : هو أن الدار لا تبيح محظوراً ولا تحظر مباحاً ؛ لأن مسلماً لو دخل دار الحرب لم يستبح استرقاقه وقتله ، ولو دخل حربي دار الإسلام لم يحرم استرقاقه وقتله فنقول : كل من جاز استرقاقه في دار الحرب جاز استرقاقه في دار الإسلام كالحربي ، وكل من حرم استرقاقه في دار الإسلام حرم استرقاقه في دار الحرب كالمسلم ، فيدل القياس الأول على جواز استرقاقه في الدارين ، ويدل القياس الثاني على المنع من استرقاقه في الدارين ، وبطل بهما فرقة بين الدارين .
وقال أبو حنيفة : يجبر الغلام على الإسلام دون الجارية ، ويجبر الولد على الإسلام دون ولد الولد إلا أن يولد في دار الحرب فلا يجبر الولد ولا ولد الولد غلاماً كان أو جارية ، وفرق بين الغلام والجارية بأن الجارية يجوز استرقاقها والغلام لا يجوز استرقاقه ، وبناه على أصله في عبدة الأوثان . وفرق بين الولد وولد الولد بأن الولد تبع أباه في الإسلام وولد الولد لا يتبع جده في الإسلام عنده ، وفرق بين دار الحرب ودار الإسلام بأن دار الحرب مبيحة ودار الإسلام حاظرة ، وكل هذا الفروق بناها على أصول يخالف فيها ، وقد مضى الكلام معه في بعضها ، ويأتي الكلام في باقيها .
قال الماوردي : وهذا صحيح ، وأراد بذلك استواء المرتد والمرتدة في أمرين :
أحدهما : أن المرأة تقتل بالردة كالرجل .
وقال أبو حنيفة : لا تقتل المرأة بالردة ، وقد مضى الكلام فيه .
والثاني : أن المرأة لا يجوز استرقاقها بالردة وتؤخذ بالإسلام جبراً ، سواء أقامت في دار الإسلام أو لحقت بدار الحرب .
وقال أبو حنيفة : يجوز استرقاقها إذا لحقت بدار الحرب ولا تجبر على الإسلام بعد الاسترقاق وهذا فاسد ؛ لأن كل من لم يجز استرقاقه في دار الإسلام لم يجز استرقاقه في دار الحرب كالمسلم طرداً والحربي عكساً ، ولأن من جرى عليه حكم الإسلام حرم استرقاقه بالردة كالرجل .