پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص444

قال : الماوردي : وهذا صحيح ، إذا ظفر بأهل الردة لم يجز تعجيل قتلهم قبل استتابتهم ، فإن تابوا حقنوا دمائهم بالتوبة ، ووجب تخلية سبيلهم على ما قدمناه من قبول توبة المرتد ، وإن لم يتوبوا وجب قتلهم بالسيف صبراً ؛ لقول النبي ( ص ) : ‘ من بدل دينه فاقتلوه ) وفي الثاني بهم ثلاثا قولان مضيا ولا يجوز أن يقروا على الردة بجزية ولا بعهد وإن جاز أن يقر أهل الحرب على دينهم بجزية وعهد ؛ لأن المرتد قد تقدم إقراره في حال إسلامه ببطلان ما ارتد إليه فلم يجز أن يقر عليه ، ولم يتقدم إقرار الحربي ببطلان دينه فجاز أن يقر عليه .

( فصل )

فأما أموال المرتد فإن كان منفرداً مقهوراً حجر عليه فيها ومنع من التصرف فيها ما كان حياً ، ولم يملك عليه في حياته ، فإن قتل بالردة أو مات عليها صارت فيئاً لاهل الفيء لا حق فيها لورثته ، وقد قدمت ذكر الخلاف فيه والدلالة عليه ، وإن كانوا جماعة ممتنعين وظفر المسلمون في محاربتهم بأموالهم لم يجز أن يمتلكها المسلمون عليهم ما بقوا أحياء على ردتهم ؛ لجواز استحقاقهم لها إن أسلموا وكانت موقوفة عليهم ، فإن ماتوا على ردتهم صارت أموالهم فيئاً ، فإن طلبه الغانمون لم يجز أن يقسم فيهم ما ملكه المرتدون قبل ردتهم ، وفي قسم ما ملكوه بعد الردة وجهان مخرجان من اختلاف القولين في استرقاق المولدين من ذراريهم بعد الردة .

( فصل )

فأما أولاد المرتدين فمن كان منهم بالغاً وقت الردة لم يصر مرتداً بردة أبيه كما لا يصير مسلماً بإسلامه ، ومن كان منهم غير بالغ نظر في أمه فإن كانت مسلمة كان الولد مسلماً ؛ لإجراء حكم الإسلام عليه بإسلام أحد أبويه ؛ لقول النبي ( ص ) : ‘ الإسلام يعلو ولا يعلى ) وإن كانت أمه مرتدة كأبيه جرى على الولد حكم الردة ؛ لأن غير البالغ ملحق بأبويه في الإسلام والكفر .

فأما استرقاقه فإن ولد في حال إسلامهما أو إسلام أحدهما لم يجز أن يسترق كما لم يجز استرقاق أبويه ؛ لما ثبت لهما من حرمة الإسلام المتقدم ، وإن ولد بعد ردتهما ففي جواز استرقاقه قولان :

أحدهما : يجوز استرقاقه ؛ لأنه كافر وولده كافر كالحربي .

والقول الثاني : لا يجوز استرقاقهما لأن الولد تبع لأبويه ، ولا يجوز استرقاقهما فلم يجز استرقاقه ، ولا فرق في القولين بين ولادته في دار الإسلام ودار الحرب .

وقال أبو حنيفة : يجوز استرقاقه إذا ولد في دار الحرب ، ولا يجوز استرقاقه إذا