الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص442
قال الشافعي رحمه الله : ‘ وإذا أسلم القوم ثم ارتدوا عن الإسلام إلى أي كفر كان في دار الإسلام أو دار الحرب وهم مقهورون أو قاهرون في موضعهم الذي ارتدوا فيه فعلى المسلمين أن يبدؤوا بجهادهم قبل جهاد أهل الحرب الذين لم يسلموا قط ) .
قال الماوردي : قد ذكرنا أن المرتد عن الإسلام إلى غيره من الأديان لا يجوز أن يقر على دينه ، سواء ولد على الإسلام ثم ارتد ، أو أسلم عن كفر ثم ارتد ، وسواء ارتد إلى دين يقر عليه أهله أم لا ؟ قال الله تعالى : ( ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه ) [ آل عمران : 85 ] وقال تعالى : ( ومن يرتد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم ) [ البقرة : 217 ] .
وروى الشافعي عن سفيان عن أيوب عن عكرمة قال : لما بلغ ابن عباس أن علياً – عليه السلام أحرق المرتدين قال : لو كنت أنا لم أحرقهم ولقتلتهم ؛ لقول النبي ( ص ) : ‘ من بدل دينه فاقتلوه ) ولقول النبي ( ص ) : ‘ لا ينبغي لأحد أن يعذب بعذاب الله ) فإذا ثبت أنه لا يقر على ردته فلا يخلو حاله من أحد أمرين : إنا أن يكون واحدا مقهورا فقد مضى حكمه في وجوب قتله إن لم يتب
وإما أن يكونوا جماعة قاهرين فالواجب أن يبدأ بقتالهم قبل قتال أهل الحرب لقول الله تعالى : ( قاتلوا الذين يلونكم من الكفار ) [ التوبة : 123 ] فكان من عدل عن ديننا أقرب إلينا ، ولأن الصحابة أجمعوا على الابتداء بقتالهم حين ارتدوا بموت رسول الله ( ص ) من ارتد وكان قد جهز جيش أسامة بن زيد إلى الروم فقال له الصحابة : لو صرفت الجيش إلى قتال أهل الردة فقال : والله لو انثالت المدينة سباعاً علي ما رددت جيشاً جهزه رسول الله ( ص ) فدل احتجاج أبي بكر عليهم بأنه لم يردهم ؛ لأن رسول