الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص441
فيها اسمه ) [ النور : 36 ] يريد بالبيوت : المساجد .
في قوله تعالى : ( أذن الله أن ترفع ) وجهان :
أحدهما : تعظم .
والثاني : تصان وفي قوله : ‘ ويذكر فيها اسمه ) وجهان :
أحدهما : أنه التعبد له بالصلاة فيها .
والثاني : طاعته بتلاوة كتابه والعمل به ، فنبه بذلك على المنع من إقامة الحدود فيها .
وقد ورد فيه من السنة نص لرواية عمر بن الخطاب رضي الله عنه النبي ( ص ) أنه قال : ‘ لا تقام الحدود في المساجد ولا يقتل بالولد الوالد ) .
وروي أن النبي ( ص ) سمع رجلاً ينشد ضالة في المسجد فقال : ‘ يا أيها الناشد ، غيرك الواجد إن المساجد لم تبن لهذا إنما بنيت لذكر الله وللصلاة ) .
وروى حكيم بن حزام أن النبي ( ص ) نهى أن يستقاد في المساجد وأن تنشد فيها الأشعار ، وان تقام فيها الحدود ) .
ويحتمل أن يريد بالأشعار ما كان هجاء ، أو عزلا ، أو مدحاً كاذباً ؛ لأن الشعر قل ما يخلو منه .
فأما ما تجرد عن ذلك من الأشعار فغير ممنوع من إنشادها فيه .
وقد أنشد كعب بن زهير قصيدته التي مدح فيها رسول الله ( ص ) في المسجد فلم ينكر عليه ، وكذلك حسان بن ثابت .
ولأن إقامة الحدود في المساجد مؤذ للمصلين فيها ؛ ولأن المحدود ربما نجس المسجد بدمه ، أو حدثه .
فإن ثبت أن الحدود تقام في غير المساجد نظر في المحدود ، فإن كان متهافتاً في ارتكاب المعاصي أظهر حده في مجامع الناس ومحافلهم ؛ ليزداد به نكالاً وارتداعاً ، وإن كان من ذوي الهيئات حد في الخلوات حفظاً لصيانته . وبالله التوفيق .